وفي الليلة القمراءافتقد البدر
إن القلب ليحزن وإن العين لتدمع وإنا على فراقك ياشيخنا لمحزونون..
لم تصف لنبي حياة ،غريبة أسرار تلك الحياة، يوم فرح ويوم حزن وكدر، أبكت وأسرت ،يجتمعون على الحب ويبكون عند الوداع ،بلا مقدمات تغرس في قلب المرء سهم الحزن على فقد ولد أو والد صغير أو كبير عالم أو داعية .
إن لم تخني الذاكرة كنا في مساء أحد الأيام عام 1409 وفي باحة المركز الصيفي مجتمعين ،إذا بالناعي ينعي الفاضل سليمان بن محمد السيف، كان الموقف مهيباً للكثير، هنا بكاء وهنا دعوات ،لم يكن مهيباً بالنسبة لي لصغر السن ولكنه لازال عالقاً في الذهن، خرجنا من المركز جماعات لنصلي صلاة الميت على الفاضل سليمان، كانت صلاة المغرب وبعد الصلاة خرج أحد الإخوة ليخبرنا عن تأجيل الصلاة إلى صلاة العشاء ،أدينا صلاة الميت عليه وأخواته رحمهم الله ،كان الجو بعدها كئيباً لعدة أيام .
يتكرر المشهد مرة أخرى صوت الجوال الذي تمنيت أني لم أسمعه في تلك اللحظة كان المتكلم يستفسر عن صحة خبر وفاة الشيخ إبراهيم حاولت أن أتجاهل الخبر أو أكذبه، لحظة ذهول تتابعت بعدها رسائل الجوال لتؤكد الخبر الفاجعة لم أستطع أن أتكلم لآ أدري لماذا هرعت لصلاة العصر في الجامع علي أجد بقية من رائحته أو سمته، الجميع هناك يبكي كالطفل يبحث عن أمه ،
كانت المذنب في ذلك اليوم حزينة الكل حزين إن رأيت محلاً مغلقاً خلته لأجله أغلق ،إن رأيت طفلاً يبكي بكيت معه وصبرته على فقد الشيخ وهو لا يعلم .
سبحان الله حالة ضعف تمر بالمرء مهما كان وزنه ومنزلته ومكانته
فرض حبه على الجميع يسلم على الصغير ويقبل رأس الكبير تحول الجامع في عهده إلى خلية علم، فهذا درس علمي وهذه دورة لحفظ المتون،
احتشد الناس في المقبرة وهم يودعونه وصحبة إلى قبورهم كنت أرى نعشه فترتسم صورته المبتسمة في خيالي ،كان الموقف مرعب بشكل كبير هذا الشيخ عبدالعزيز العويد وهذا الشيخ عبدالرحمن الشمسان وهذا الشيخ علي السلطان، الجميع يدعوا له بالرحمة، عانقت الشيخ عمر المقبل وهو الذي لم أره في حياتي شارد الذهن كما رأيته في ذلك اليوم ،لم تعد قدماي تحملني جلست في أقرب كرسي وكان بجواري رجل يبكي ويقول رحمه الله من لنا بمثله إلتفت إليه فإذا هو الشيخ خالد الرشيد ،سبحان الله كل الوجوه كنت أراها وجه واحد إنه وجه الشيخ .
تحدث أحد الأشخاص بأنه لم ير مثل هذا الجمع من قبل
إستطاع الشيخ أن يزرع كل هذا الحب، والكآبة في وقت واحد الكل مذهول أُشخاص يعرفونه وكثير لا يعرفون ، هذا الذكر الحسن هو ما يبقى بين الناس، وما عند الله تعالى خير وأبقى .
خرجنا من المقبرة والقلوب مكلومة على فراق الشيخ آآآآه ما أقساها من صورة للوداع
جلس إخوته للعزاء لأيام استقبلوا خلالها مئات المعزين من داخل المحافظة وخارجها لم أستطع أن أعزيهم لهذه اللحظة ولو برسالة جوال فكل منا يعزى فيه .
حينما دلفت إلى البيت وجدت أمي جالسة حزينة وأختي تبكي كيف لا وهي من رافقته في رحلة الحج الأخيرة مع بعض من بناته
في رحلته تلك كانت آخر مكالمة معه كان يحدثني عن حاجته لتصريح حج للسيارة وعدته أن أبذل قصارى جهدي لإخراج تصريح له لكني لم أستطع أن أستخرج تصريح له واستطعت أن أستخرج لنفسي حينما أخبرته قال ضاحكاً أنتم شباب ونحن نحتاج التصريح أعطونا إياه وأنتم دبروا حالكم حمدت ربي لأني أعطيته إياه بعث بعدها برسالة رقيقة يشكرني فيها.
ولا أنسى وأنا أعزي نفسي أن أعزي بناته الأربع شعيرات قلبه أسأل الله أن يعوضهن خيرا بعده
يا إلهي كيف يمر عليهن العيد بدونه فالله المستعان اللهم إنه أفضى إليك فأحسن وفادته وارحم ضعفه اللهم عوضنا خيراً منه يارب العالمين.
اللهم أكرمنا برؤيته مع نبينا والمسلمين في جنات النعيم اللهم آمين.