نبذه تاريخية لمحافظة المذنب
مدينة المذنب بوابة القصيم الجنوبية ، الفاصلة بين منطقة القصيم وأقليم السر يحدها من الشرق رمال صعافيق ومن الغرب كثبان الشقيقة ، وكان عمران هذه المدينة في منتصف القرن السادس الهجري ولا تزال بعض آثار هذه العمارة باقية حتى الآن كالحجارة المبنية على ضفاف الأودية التي تمر بها السيول القادمة من الخرماء وخريمان
(قاع قمراء ) وهما نسر ومضيفير والودي قال ياقوت أما مذانب الروضة والواحد (مذنب) فكهيئة الجدول يسيل على الروضة ماءها إلي غيرها فيتفرق ماءها فيها والتي يسيل الماء عليها أيضاً مذانب الروضة سوا ، وقد ورد في شعر لبيد بن ربيعة العامري وذكر المذنب كما ينطق به الآن بدون تغيير :
طَرِبَ الفؤاد وليته لم يَطْـرب وعناه ذكـر خلَّةٍ لم تُصْقب
سفهاً ولو أني أطيع عواذلـي فيما يُشيرنَ به بسفح المذْنَب
لَزجْرتُ قلباً لا يريع لزاجـرٍ إنَّ الغَـويَ إذا غـوى لم يُعتب
قال الحفصي : المذنب قرية لبني عامر باليمامة ، وقال الشيخ محمد العبودي لعله يريد بسفح المذنب سفح الجبل المعروف بخرطم وهو يقع إلى الشرق من مدينة المذنب مرتفعاً نوعا مافي تلك الناحية ، أما قوله أنها قرية لبني عامر فلا شك أن الذي حمل على ذلك كونها وردت في شعر لبيد رضي الله عنه وهو عامري ، ولكن هذا لا يدل على أنها في بلاد قومه بني عامر إذا كثيراً ما يذكر الشعراء أماكن ليست في بلاد قومهم ويدل على أن المنطقة التي قرب المذنب كان بعض القدامى يعدها من اليمامة ، أن ياقوت نقل عن أبي السنداء قوله سلى وساجر روضتان باليمامة لبني عكل وهو يريد بذلك ساجر السر الذي لا يزال معروفاً قال شقيق بن جزاء الباهلي رحمه الله :
أقـر العين ما لاقــوا بسلّى وروضة سـاجر ذات العـرار
وقال عمارة بن جرير -رحمه الله- :
ولا يحـل الســـر مـادام مـنهم شريد ولا الخثماء ذات المخارم
ولا ساجر أن يطرحو القوس والعصى ولا عدلهم أو موطؤ بالمناسـم
فلا ينكر أن عد بعضهم المذنب من اليمامة وربما كان ذلك لأن خراجها كان إلى اليمامة في وقت الحفصي وقال ياقوت : أن أصل المذنب هو مسيل الماء بحضيض من الأرض بين تلعتين .كما ورد في تاج العروس أن المذنب هو مسيل الماء في الحضيض ليس بخد واسع ، وقال مؤلفه, الذنائب مسيل ما بين كل تلعتين على التشبيه بذلك ومن المجاز ركب الماء ذنبه الوادي والنهر وفي بعض النسخ آخره وفي التكملة هو الموضع الذي ينتهي إليه سيله ، وقال أبو عبيد الذنابة بالضم ذنب الوادي وغيره آذناب مآخيرها ، وكان ذلك على ذنب الدهر أي في أطرة وجمع ذنابة الوادي ذنائب .
والمذنب مسيل ما بين التلعتين ويقال المسيل ما بين التلعتين ذنب وفي حديث حذيفة حتى يركبها الله بالملائكة وليمنع ذنب تلعة أو هو مسيل الماء الى الارض والمذنب مسيل في الحضيض ليس بخد واسع وأذناب الأودية ومذانبها أسافلها وفي الصحاح المذنب مسيل ما في الحضيض والتعلة في السند والمذنب الجدول وقال أبو حنيفة كهيئة الجدول يسيل عن الروضة بمائها غيرها فتفرق ماؤها فيها والتي يسيل عليها الماء مذنب أيضاً ، ويوجد بالمذنب ثلاث رياض واسعة يفيض ماءها على بعضها على هيئة مذانب وكل واحد منها ينتهي إلى أذناب الأودية وهي روضة المصية وروضة السفالة وروضة العمر ، يقول الشيخ محمد بن ناصر العبودي عن روضة العمر والتي ينتهي إليها ماء الروضتين السابقتين ( وإذا أطلق أهل المذنب كلمة الروضة فإن ذلك لا ينصرف إلا إليها والظاهر أنها التي بسببها حمل المذنب تسميته تلك إذ المذنب في اللغة هو مسيل الماء إلى الروضة ومنها إلى روضة العمر هذه تتجه جميع السيول التي تمر بمدينة المذنب أو بالقرب منها).
وقد ورد ذكر المذنب كما ينطق بدون تغيير كما ورد ذكره بلفظ التثنية وبلفظ الجمع ، وقد ورد ذكره بالإفراد في شعر بشر الأسدي :
فـأبلغ بـني سـعد ولـن يتقبلوا رسولــي ولكنَّ الحزازة تُنصب
حَلَفْتُ بـرب الداميات نُحُـورها وما ضمَّ أجواز الجـواء ومذنب
وقد ورد ذكره بلفظ التثنية بشعر الطويق بن عاصم النميري :
عرفت لُحـبَّي بين مُنْعرَج اللَّوى وأسفل ذات البان مبدى ومحضـرا
إلى حيث فاض المذنبان وواجها من الرمل ذي الأرطى قواعد عُقرا
فالمذنب مسيل الماء إلى الروضة ، والمذنب يمر به سيول أودية معروفة وهي التي سبق ذكرها ، ومنعرج اللوى منعطف الرمل ويوجد شرق المذنب برقة كأنها كثيب من الرمل منعرج غني بالأشجار ، وقد ورد ذكر منعرج اللوى مقروناً بذكر المذنب بلفظ الجمع :
خَلِيلَيَّ عُوجا مِـنْ بُطُونِ الركائب على طَلَل بيـن اللَّـوى والمذَانِـبِ
كما ورد ذكر مواقع من المذنب بأشعار عديدة منها لوذن الواقع شمال المدينة وهو ماء قديم في بلاد( بني أسد) يقول الشاعر:
أمن أجل دار بين لوذان فالنقا غداة النوى عيناك تبـتدراني
فيا طلحتي لوذان لازال فيكما لمن يبتغي فيـيكمـا فنـناني
وإن كُنتما هيجتما لاعج الهوا ودانيتمـا ماليـس بالمتدانـي
وقال تميم العامري :
وطبـّق لوذان القبائل بعد مــا سقى الجذع من لوذان صفواً وأكرر
ولوذان من الأماكن التي لاتزال تحتفظ بأسمائها القديمة من قبل بزوغ الإسلام ، وقد دخل على بعض الأسماء تغييراً طفيفاً كالتأنيث أو التذكير فقد وردت السلهمية بصيغة التأنيث في شعر النمير قوله :
ومنها بأعْرَاضِ المحاضِــرِ دمْنَهُ ومنهـا بوادي المسلهمة منزل
كما ورد بالتذكير موقع شرق المنطقة وهو من الموارد القديمة وتسمى أم دباب ، يقول الراعي النميري :
كأن هنــداً ثنايـاها وبهجتها لمــا التقينـا على دحال دباب
ومن الممكن القول إن من الأسباب التي أدت إلى قلة ما ورد من ذكر المنطقة في الأشعار القديمة والنصوص التاريخية بعد ظهور الإسلام هو بعدها عن الطرق التى كان يسلكها حجاج اليمامة والعراق إلى الأماكن المقدسة في مكة المكرمة والمدينة المنورة وقد كان لهذه الطرق آثر في أسبقية عمران بعض الأجزاء التي كانت تمر بها منذ القرن الهجري الأول كالأسياح وعيون الجواء والقريتين شرق عنيزة حيث أن مدينة عنيزة ابتدأ عمرانها كما هو معروف في القرن السابع الهجري ، كما كانت هذه الطرق سبباً في كثرة ما ورد من ذكر لأجزاء أخري في القصيم وغيره على الرغم من عدم شهرتها في الوقت الراهن.
وكثيراً هي قصائد شعراء القبائل العربية التي ورد فيها ذكر لبعض الأماكن بالمنطقة وماحولها من البلدان العامرة والدراسة فأثار هؤلاء الشعراء ما زالت خالدة تفيض بالحياة وتجد بها الحكمة والأمثال والغزل البرئ كما أنها لا تخلو من رسم المعالم والطرق والأودية والرمال والموارد والجبال ، وقد جُمع مادوّن عن قبائل هؤلاء الشعراء وعن مآثرهم وايامهم ومراعيهم ومياههم وخصوصاً قبيلة بني أسد التي امتد نفوذها من أراضي الجبلين حتي الأرض الشرقية من هذه المنطقة ، كذلك قبيلة بني مازن الذين كانوا مستوطنين على أرض هذه المنطقة بعد أن احتلوا موارد بني أسد وتقدموا إلى نفود الشقيقة وقد ظل الوضع بينهم وبين بني أسد مضطرباً حتى استقرار الإسلام في الجزيرة العربية
وتوجه كثيراً من رجالهم لخدمة الإسلام ، كما أنني بحثت بقصائد شعراء قبيلة بني هلال التي تعتبر أشهر قبيلة سكنت على أرض هذه المنطقة بعد بزوغ الإسلام وقد سكن المنطقة بعض فروع هذه القبيلة على فترات متفاوتة لكثرة النزاعات بين زعمائها وأكثر هذه الفروع لم يرد بقصائد شعرائها ذكر للمنطقة ، وربما يكون وردت بالأبيات المفقودة من القصيدة التي منها :
وليل بشقراء فاهقين أوشيقر يباغ الصبايـا حليهـن بـزاد
ولـيل بطئ مشملـين النية نبغي ديــاراً بالمساس امراد
وقد ورد ذكر بعض الاماكن بالمنطقة في بعض المقطوعات المتفرقة من أشعارهم التي يظهر بها الحنين الي الديار التي أصابها الجدب ورحلوا عنها وجري لهم أحداث لها جذور تاريخية ومن آثارهم الباقية بالمنطقة آبار المياه كسراء ونفجه والكليبية والوزيرية وبرزة والحفيرة وأكثر هذه الآبار تقع بالسفالة شرق المنطقة يقول شاعرهم :
تارد على بيرٍ به الفين وارد عليها الخشوم النايفات شهود
غربيها يرتع به الريم والمها وشـرقيها ضلعٍ وراه نفـود
ويقصد بالضلع خرطم الذي يشرف على السفالة من الشرق وقال فيها أيضاً :
دار جفت ريضانها شـرد المها ومن المحل مات الغضاء بالنفايد
غارت ماوردها عسى الله يعلها من المزون المرزمات الـرعايد
وقوله :
لي ديرة بين الصريف وخرطم يجي الحول ماتقضي كنايس جرينها
وقال آخر وقد قرن الصريف بخرطم :
تري مدفنة بالرمث بالدمث بالغضا حوالي قويرات الصريف انصاب
وقول أحدهم محدداً موقع كنز في (العدان) جنوب المذنب :
عن مسجد الدغيماء أمام المصلي من المال مايغني جميع القبايل
ومن أشهر الآبار الهلالية بئر الكليبية الواقع بالسفالة وهي أكبر الآبار الموجودة ، وقد سميت بهذا الاسـم نسبة إلى كليب الهلالي الذي قـال فيه جساس :
خـذاك الله خـذني عـن كليب أمير فـي مكانه ولـد أميـرا
فرد عليه المهلهل :
خـذاك الله مـا تسـوى كليب ولا تسـوى خنصره الصغيرا
وكان مهلهل قد لحق بجساس للأخذ بثأر كليب ودارت بينهم حروب حول هضاب واردات شمال سميرا بحائل ، يقول مهلهل :
ولـو ينباح القبر عـن كليـب ويشرف الطرد فـي وادي سميرا
بـأيمن غسل شمالـي واردات بوادي الـدوح تسمع له زحيـرا
وهو يشبه قول مهلهل التغلبي وهي على نفس القافية :
فلـو كُشِفَ المقابـرُ عـن كليبٍ سيعلم بالذنـائب أيـا زيـــرا
وقد خلط الرواه بين الاحداث التي وقعت في زمن الهلاليين كليب وجساس ومهلهل وأحداث كليب ومهلهل التغلبيين التي وقعت في الجاهلية ولشهرة التغلبيين سمو عليهم الهلاليين ، وهذه عادة مألوفة عند العرب ، وقد كان السبب لخلط الأحداث التشابه بالأسماء والقصائد والمواقع التي جرت حروبهم على أرضها وهي واردات فحرب بني هلال نشأت على أرض المذنب وانتهت بواردات سميرا اما التغلبيين ، كما هو معروف تاريخيا فقد ابتدأت بعد طعن جساس لكليب في اراض شبيث , فلهم معارك عديدة بالجاهليه , ومن ايام العرب يوم الذنائب.
و(واردات) جنوب غرب المذنب يقول مهلهل التغلبي :
تركنا جيا يوم ارجف جمعه صريعا بأعلى واردات مجندلا
وبعد حرب البسوس بمائتين سنه تقريبا حدثت وقعه بواردات بين بني كلاب وبين بني نمير الذين هزموا فيها , يقول ناهض الكلابي :
فاشعـل حين حـل بواردات وثــار لوقعــه ثـم انصباب
مراحل النهضة العمرانية
ذكر المؤرخ الشيخ إبراهيم بن عيسى أن قبيلة باهلة كانت تسكن المذنب في القرون الوسطى وهذا يؤكد ما ذكره الشيخ محمد العبودي ، وهو أن عمران المذنب كان بالقرن السادس مستنداً بذلك على بعض الأثار العمرانية القديمة الباقية في عدد من المواضع ، وتعتبر هذه الآثار من بقايا الحضارة الباهلية .
ومن المعروف ان قبيلة باهلة من القبائل التي شاركت في الفتوحات الإسلامية مع قبيلة بني تميم وبكر بن وائل الأزد ، وقد عادت قواتها المحاربة إلى نجد بعكس القبائل الأخرى التي رابطت في تلك البلاد ، وقبيلة باهلة من القبائل العربية التي شيدت الحضارات في بلاد فارس ، فلا يستغرب أن تكون قد عمرت جزءاً من نجد .
ذكر المؤرخ ابن عيسى أن أحد بطون قبيلة باهله استوطن مدينة المذنب في القرون الوسطى وبهذا تكون هذه القبيلة أول من شيد كياناً حضارياً على أرض هذه المنطقة في تلك الفترة التي تعتبر غامضة تماماً إلا من الومضات الضئيلة التي لا تعطي الدلالة المطلوبة ولا تمكننا من معرفة جوانب حياتها والاحداث المتعلقة بها رغم أنها ظلت محافظة على مركزها طيلة تلك القرون ، ولايوجد في كُتب المؤرخين شيئاً من أخبارها وآثارها ولا عن أمرائهاولا شعرائها ولكن بالتأكيد أن لها تاريخاً مجيداً حالها كحال القبائل التي استوطنت نجد.
ومن الأخبار التي تتناقل بالرواية الشفهية لدى كبار السن من أهل المذنب، ما رواه الأمير مساعد بن أحمد السديري عن قصة الحادثة التي وقعت بين السديري والبواهل أمراء المذنب السابقين ومفادها أنه حصل خلاف بين الطرفين جعل سليمان بن حسين السديري يفتك بعدد من أعيان البواهل في كمين أعده لهم وهم في الطريق لمحاربته ، وأنه بعد ما تمكن من هزيمتهم أرسل سرية قامت بضرب الحصار على قصر باهله، وكان الباقون قد تحصنوا فيه، ولما طال الحصار سعى الأمير عبد الله الخريدلي بينهم بالصلح ووفق في ذلك .
كان وجود قبيلة الفضول على أرض هذه المنطقة قد أضفى عليها الهيبة فلم يجرؤا أحد على أن يطأ أرضها محارباً ، وقد ورثت عشيرة الغزي أملاك القبيلة بعد رحيلها ، وهذ العشيرة هي الوحيدة التي تخلفت عن القبيلة الأم عند نزوحها للعراق وقد باع شيوخها أملاكهم على معجل الناصري وأخيه شامخ .
وبعد رحيل عشيرة الغزي .وقعت خلافات شديدة بين امراء عشيرة باهلة وبين السديري أدت هذه الخلافات إلى معارك عدة انتهت بحصار السديري لهم .
لقد كانت أرض هذه المنطقة عامرة برجال هذه العشيرة يزرعون أرضها ويبعلون قيعانها ويعملون لخدمتها حتى باعوا أملاكهم على الخريدل ، ثم انتقلت الإمارة إلى ابنه إبراهيم الذي اتسعى العمران في عهده ، وأصبحت المذنب قرية اكتملت بها مقومات الحضارة وعمل سكانها على تأمين المعيشة لهم ولأولاهم على فلاحة الأرض وزراعتها .
وكان هذا التحول بداية النهضة العمرانية الحقيقية والتي بدأت تتوسع في القرن الحادي عشر ، أما المُلك الذي اشتراه الخريدل فيعتبر نصف المذنب ويتوسطه عدة مزارع للنخيل والذرة تحيط بقصر باهله الكبير ، وهذا القصر يلتف حوله عدة منازل شيدت على ضفاف الوادي .
ذكر المؤرخ إبراهيم بن عيسى (أن خريدل قدم من الفرعة واستوطن المذنب في القرن العاشر في الوقت الذي كان فيه السديري محاصراً للبواهل، فاشترى أملاكهم ) .
أوتوضيحاً لأمورًا مهمة حول هذا الموضوع وهو أن خريدل لم يستوطن المذنب إلا بعد ما أرسل أخيه معجل في طلبه، وكان معجل قد غرس حوطته المعروفة في المذنب وقد وهبه نصفها، وكان ذلك في عام 1139هـ كما ذكر المؤرخ ابن يوسف ، وقد اطلع على تاريخه بخط الشيخ عثمان المنصور الناصري من ضمن مجموعته التاريخية ولم يبدء عليه أي ملحوظات علماً بأن الشيخ عثمان حفيد الأمير منصور بن حمد أمير الفرعة خلال الصراعات التي حدثت بين أهل الفرعة وبين أهل أو شيقر ، وقد رصد المؤرخ ابن يوسف الصراعات حسب تسلسل الأحداث من عام 1126هـ حتى عام 1149هـ وكان معجل أخو خريدل قد استوطن المذنب قبل تلك الصراعات بفترة طويلة لسببين .
السبب الأول أنه أدرك قبيلة الغزي واشترى نصيبها كما هو مثبت في أملاكه .
السبب الثاني هو أن ابن يوسف ذكر في تاريخه في أحداث عام 1135هـ أن إبراهيم بن حسين رحل بأولاده مع ابن عمه خريدل لديرتهم المذنب وقوله ديرتهم المذنب دليل واضح أنهم قد استوطنوها قبل هذا التاريخ الذي رصد فيه هذا الخبر.
ومن الدلائل على أن النواصر استوطنوا المذنب قبل نشوب تلك الأحداث هو وجود عدد من أعيان النواصر بالمذنب قبل فترة من تلك الصراعات ومنهم الشيخ عبد الله بن عضيب الذي قدم المذنب وحفر بئر القفيفة وبنى بها مسجداً ومنزلاًَ وأصبح يدرّس طلبة العلم حتى عام 1111هـ ، كذلك خبر مقتل أخيه عيبان بن عضيب بالمذنب سنة 1121هـ أضف إلى ذلك الوثائق التي كتبها الشيخ عبد الله بن عبيد لأملاك بعض أسر النواصر سنة 1108هـ .
وقد رصد المؤرخ بن يوسف تلك الصراعات التي كان لخريدل دوراً كبيراَ فيها وله مواقف منها مجابهته لآل مشرف عام 1139هـ ، وقد استطاع إخراجهم من الفرعة رغم كثرتهم وشجاعتهم وكان آل مشرف قد استطاعوا فرض سيطرتهم عليها سنة 1135هـ .
كما أن له دورًا فعالاً بالإصلاح بين أهل الفرعة وأهل أوشيقر وإنهاء الصراعات بينهم سنة 1149هـ .
ولعل بروزه في تلك الفترة الحرجة قد ساعدت في إبراز مواهبه حينما تزعم عدد المقاتلين من قبيلته وشارك في أوائل تلك الصراعات، ولعل تلك المواقف التي اتخذها لمساعدة جماعته شجعته على أن يصبح أميراً بالمذنب بعد ما أشترى قصر باهله من أصحابه القدماء كما أن المكانة التي اكتسبها خلال تلك الفترة شجعت الناس على القدوم إليه والإستيطان في بلدته المذنب.
------------------------------------------------------------------
الأمير إبراهيم الخريدلي
هو الأمير إبراهيم بن عبد الله بن إبراهيم بن عبد الله بن محمد بن حسين الناصري الحارثي العمروي التميمي لُقب والده عبد الله "خريدل" فورد اسمه بالتواريخ المحلية إبراهيم الخريدلي ، وفي عهد هذا الأمير اتسع العمران وكثرت المزارع ، فقد كان رحمه الله يقطع الأراضي الصالحة للزراعة لكل من رغب بالاستقرار من حوله ، وهذا ما فعله والده وأعمامه من قبله ، وكان لُحسن معاملته وطيبه وكرمه أثر كبير في استقرار الناس من حوله ، وقد وفد إليه عدد من رجال القبائل فأكرمهم ، وفي عهده استوطن مدينة المذنب عدد من الأسر التي تنتمي إلى أشهر القبائل العربية التي انتشرت عشائرها في نجد وملأتها حيوية ونشاط.
وفي عهد الأمير إبراهيم شمل هذه المنطقة نهضة عمرانية ما زالت آثارها ماثلة للعيان ومن الجهات التي عمرت بعهده الثليما ، بنعة ، شيحة ، الحزم ، ومن الأسر التي استطونت المذنب بعهد الخريدلي ، الشويمان ، الشتوي، العقيلي ، الجار الله ، الحصين ، العواد ، الشلال ، الرواف ، آل أبو حسين ،
الشقارا ، الراجح ، الدهيمان ، الدليم ، الفريج ، العبيد ، العمر ، الزاملي ، العبد الجبار ، الحسيني ، المزيد الرشدان ، الزعاب ، الثنيان ، آل بن حسن ، آل بن علي ، آل بن سليمان .
اشتهر الأمير إبراهيم الخريدلي بالشجاعة والكرم ، وكان ينصف المظلوم ويساعد الفقير فأحبه الناس ، وقد أمتدحه عدد من الشعراء ، ومن القصائد التي قيلت فيه هذه القصيدة للشاعر رحيل الدهمشي ومنها :
يا راكب اللي لنتوت تطوي البـيد ما عملـيــة قطع الفيافي مـناهـا
ساقها السانـي بمنح المعوايد عليهـا ولا دنــق الـركاب يرقع حفاهـا
قـــرم مـن خـيـار الأوالـيـد إلا ســـرت غب الفيافي طواهـا
ملفـاك دار كـل يـوم لها عيــد دار النواصـر محتميـــن حماها
نعــم النشاما المكرمين الصناديـد خيولهــم بالكـون تسعل احذاهـا
إلى قوله :
اقلط علـى اللي نايفٍ كنه الحيـد اللي حـما الديـرة وشيـد بناهـا
ساقها السانـي بمنح المعوايد عليها ولا دنــق الـركاب يرقع حفاها
قصر باهله
يعتبر هذا القصر من المعالم الأثرية القديمة وقد وصفه كبار السن نقلاً عن من سبقوهم بأنه كبير وله أفنية واسعة وفيه أبراج منيعة ويحتوي على بئر عذبه ومسجد وبيت للضيافة ، وهذا القصر بناه البواهل عندما كانوا في هذه المدينة وفيه تحصنوا وقتل منهم عدة رجال على أبراجه عندما حاصرهم السديري وامتنعوا فيه، وقد بني هذا القصر على أرض مرتفعة تقسم الوادي إل فرعين الفرع الجنوبي هو الذي عُمَّرِ على سده قصر فهد العقيلي سنة 1308هـ وكان الأهالي في عهد الأمير إبراهيم الخريدلي قد نقلوا إليه تربة طينية من المغيريب لإلغائه تماماً وقد قاموا بعد ردمه ببناء سور صخري على ضفاف الوادي لحماية البلدة في حالة تزايد نسبة المياه ، وهذا ما ساعدهم على التوسع العمراني والحضاري ، ولما توسعت المساحة العمرانية قاموا ببناء سور يحيط بالبلدة ومرافقها الجديدة لضمان حمايتها وهناك عدد من الآثار العمرانية القديمة التي أندثرت وقد ظلت ماثلة للعيان حتى الربع الثاني من القرن الرابع عشر ، وفي عدد من المواضع في المذنب نجد آثار وعلامات واضحة المعالم لحضارة مر عليها طور الاندثار ويدل على ذلك أساسات القصور القديمة وجذوع النخل والحيطان المهدومة إلي جانب الآبار المندثرة بجوها .
ومن أهم المواضع التي عثر فيها على أثر العمران القديم ، العدان ـ قحيصة ولوذان ـ والعوينه ـ ويوجد بين الأكثبة الرملية الواقعة في شرق شمال روضة المصية واحات صخرية يتخللها عروق من الجبس وأساسات منازل مندثرة ولعلها من طرق الحجاج في الأزمنة الماضية ، كما تنتشر الأساسات الجدرانية للمنازل في عدد من الموااضع في الجهة الجنوبية من مدينة المذنب ويتضح من بين تلك الأساسات الممرات التي تفصل تلك البيوت عن بعضها البعض .
الثليما :
ذكر الشيخ محمد العبودي في معجم بلدان القصيم أنه يوجد آثار في غرب الثليما تدل على وجود منازل قديمة كانت هناك .
عين الجرية :
ذكر الشيخ عبد الله الفوزان المشرف على الآثار في المنطقة أنها كانت محطة للحجاج ومستراحاً للمسافرين وقد وجد بها عدد من قطع الفخار والمعادن بالقرب من أساسات الجدران القديمة مما يدل على وجود آثر عمراني قديم نشأ بالقرب من هذه العين التي كان ماؤها متدفقاً ، وهذه العين تقع شمال المذنب .
ومن الآثار الزراعية الأبار التي في روضة السفالة وهي من أهم الأسباب التي سهلت للناس زراعة هذه الروضة الخصبة ، وهي من الأملاك التي اشتراها خريدل من البواهل ، ومن أملاك البواهل الزراعية القديمة القبالي وهي مشهورة وقد حفر بها من أتوا بعدهم عدة آبار اضافة إلى الآبار القديمة التي وجدوها جاهزة لزراعة الأرض التي حولها .
السفالة
روضة زراعية واسعة الأطراف تقع إلى الشرق من قصر باهله ، وقد قام الأهالي بإستثمارها زراعياً منذ القدم ، وفي هذه الروضة آبار هلالية عذبة ذات جمام ، ومن أشهرها الكليبية والوزرية والفراخية ، غصيبة ، وسباعة ، البديع ، البحيرة ، سراء ، نفجة ، الحفيرة ، المكيضيم ، الهرارة ، وقد قام المزارعين قديماً باستخراج المياه منها عن طريق السواني .
وهذه الروضة تنتهي إليها سيول الأودية وتلتقي في جزء منها يسمى المسحب وهذا الجزء هو أذنابها كنهاية لمطاف الجريان فتلتقي فيها وتتجه مجتمعة على شكل وادي كبير يستمر بالسير بمحاذاة جال خرطم وينتهي في ملح العوشزية حيث تتكون هناك بحيرة مالحة ، ويقع إلى الشرق من هذه الروضة سلسلة جبل خرطم وهي ترتفع أحياناً وتنخفض أحياناً أخرى وبين الروضة والسلسلة عدة محاجر تستقر في منخفضاتها ما تبقى من مياه السيول وتشكل غدراناً تنبت على ضفافها نباتات مختلفة ، ويقع إلى الشرق من هذه الروضة جال الخرطم ، ومن الغرب مرقب العيفار ، ومن الجنوب القبالي والحزم ، ويحدها من الجهة الشمالية الحزيم تصغير خزم ، وما بعد هذا الحزم عدة آبار أشهرها جعيلة ، وأم قرون ، حيصة ،مرهش ، الملاح ، سميحة ، قليب العمر ، قليب العلي ، وجميع هذه الآبار ساعدت المزارعين بزراعة تلك الأراضي الخصبة ، وفي مطلع القرن الرابع عشر انتشرت بها تربة سبخة إذ جف ماؤها تبقى زلقة .
يقول أحد شعراء المذنب القدامى وقد ذكر اسم هذ الروضة بصيغة الجمع والجبل الوارد في هذه القصيدة يعني به خرطم :
شـلنا عليهن مـا حصـل والعمايل مـن ديـرة مشهورت بإسـم فيحان
فـيها الجـبل أمــرادفٍ للسـفايل يشرف على الديرة من الشرق نيشان
يا ما بـها مـن ناعمـات الفسايـل تسقـى علـى هجنٍ مرابيع واسمان
ويقول أخر :
لي ديـرتٍ عنها نحــد العايلين مـن دونها تـرخص عمار رجـالها
غربيهـا خـب النعايـم واللـوا وخشـم الـرعـن متربع في جـالها
القبالـي
من أقدم المزارع التي أُنشأت بالمذنب وهي من أملاك البواهل القديمة وقد أحدث بها من أتى بعدهم عدة آبار نشأت من حولها عدة مزارع صغيرة .
والقبالي داخلة من ضمن أملاك القصر التي أشتراها خريدل ، وأرض هذه المزرعة واسعة وخصبة وتقع في الجهة الشمالية من قصر باهله ، ويحدها من الشمال السفالة ومن الغرب الحزم ، ومن الشرق وادي نسر ، ومن الجنوب قصر باهله أما المزارع والآبار التي بالقبالي فهي :
الحتاتية قليب الدهيم ـ أم الجماجم ـ قليب الأصقة ـ قليب الوعرة ـ بئر الشمالي ـ المندسة ـ بئر خرسون ـ القبلية ـ العميشية ـ قليب الحويط ـ الرميحية ـ أم سريرة ـ العودة ـ المشعبية ملك شايع.
وكانت القبالي قديماً كخلية النحل تعج بالفلاحين الذين يتعاونون فيما بينهم في مراحل زراعة الأرض وجني الثمار .
ومن المزارع التي عمرت خلال القرن الحادي عشر :
ـ الحوطة عمرّها أحمد الحصين .
ـ مشرفة عمرّها ناصر العقيلي .
ـ القطيعات عمرّها محمد العتيق .
ـ العليانة عمرّها ناصر الشامخ .
ومن الأملاك التي تقع جنوب قصر باهلة الحوطة وهي مزرعة معجل وإلى جانبها فرحة مزرعة أخيه شامخ ، وتأتي مزرعة أخيهم خريدل من الجهة الجنوبية منها واسمها سمحة ، وجميع هذه المزارع تشرب من ماء العيلمية وهي من الآبار التي اشتراها معجل من الغزي الفضول ، وقد امتدت مزرعة خريدل إلى الجهة الجنوبية وزرع بها نخيلاً ، ومن أملاكه سمحة والرفيعة والجزء الشرقي من الرفايع ومزرعة النهير التي آلت إلى الأمير صالح الخريدلي ولا تزال ملك لذريته.
أما العلاوة وام الحمام فهي مسميات أطلقها أحفادهم لتحديد الملك ، وهي داخلة في ملك معجل ، وقد امتدت عدة مزارع من الجهة الجنوبية من أملاك خريدل وغطت نخيلها مساحات كبيرة ، وهذه الأملاك أحدثها الأوائل من أسرة الشامخ وآل بن علي .
ـ اللصافة أنشأها علي الشايع .
ـ الداخلة عمرها محمد بن حسن في الربع الأول من القرن الثاني عشر .
ومن المزارع التي نشأت في النصف الأول من القرن الثاني عشر(الشورقية) وهي أرض ممتدة بمحاذاة الصفر الواقع شمال المدينة ، وتتكون من رياض خصبة قام بزراعتها فايز بن عبد الله المعجل ، وفي الربع الثاني من القرن الثالث عشر قام ابنه عبد القادر في بيع الجزء الشمالي منها على ناصر الشايـــع ، كما أنه باع نصف الجزء الجنوبي على عبد الكريم الجار الله ، وهذه الاملاك تعرف بشورقية الناصر وشورقية الجار الله . أما الجزء المتبقي فقد ظل ملك له ولأبناء عمه ويقع بين هذا الجزء وشورقية الجار الله قارة مرتفعة بُني فوقها عدة منازل ، ومن أقدم القصور التي شيدت على أرضها قصر الشيخ سليمان الناصر الذي آل إلى الشيخ إبراهيم العجيمي وأبناءه .
ومن الأملاك القديمة أيضاً :
ـ الثليما أنشأها محمد الشويمان في النصف الاخير من القرن الحادي عشر .
ـ نبعة أنشأها شتوي البدراني في الربع الأول من القرن الثاني عشر .
ـ شيحة أنشأها فريح بن زعير السابق في الربع الثاني من القرن الثاني عشر.
ـ روضة العمر أنشأها عبد الرحمن العمر في النصف الأول من القرن الثاني عشر وكان قدومه إليها من سدير ، ومن آثارها قصر مرهش ويوجد بها عدة آبار منها سمحة والملاح .
ـ عين بن شامخ أنشأها فهد الشامخ وأخيه علي وباعوها على عبد الله العقيلي الذي عمرها هو وأباؤه وهي معروفة الآن بعين العقيل.
ـ العودة أنشأها عبد الله بن خضير في منتصف القرن الثاني عشر.
ـ المندسة أنشأها عبد الله بن خضير في منتصف القرن الثاني عشر .
ـ المشعبية أنشأها علي بن خضير في منتصف القرن الثاني عشر .
ـ الحزم أنشئ بها عدة مزارع في الربع الأول من القرن الثاني عشر ،
ومن أقدم الأملاك فيه مزرعة محمد بن خضير وإبراهيم بن نيف الشمري .
ـ الصباخ أنشأها منصور العلي الوهيد في الربع الثاني من القرن الثاني عشر .
ـ الطويلعة أنشأها محمد العقيلي في الربع الأخير من القرن الثالث عشر .
ـ الجراية أنشأها محمد بن سعود المجماج في النصف الأول من القرن الثاني عشر.
وقد تلت هذه المزارع مزارع عديدة منها الهيشة ، الشويمانية ، المعقلية ، السعدية، السحق ، النقيب ، الزيدية ، الطوقي ، المفيض ، المربع ، الجراية ، السلهمية ، اللواف ، المدفعية ، أم الخشب ، أم عشيرة .
وقد نشأت عدة مزارع في مواضع بعيدة عن قصر باهله ، وكان ذلك خلال القرن الثالث عشر ومن هذه المزارع مفيض أم الخشب ، التي عمرها غنايم الضفيري وأبناءه من بعده ، وهذا المفيض يمر به وادي المذنب القادم من السفالة وهو حصيلة مياه الأودية ، كما يجتمع بهذا المفيض عدة أودية مثل السهل ولوذان وأبو غار وصميان ، ويقع هذا المفيض الذي يعرف الآن مفيض أم الخشب في الشمال الشرقي من المذنب ، شرق أبو خشبة ويحده من الشمال ملح العوشزية ومن الشرق سلسة جبل خرطم ، يوجد في هذا المفيض عدة آبار قديمة مثل ضيفة ، والشعاعية ، والتويجرية ونقيثة .
ومن المزارع التي نشأت في مطلع القرن الثاني عشر المعجلية وتقع جنوب شرق المذنب وإلى الشرق من روضة المصية ، ويحدها من الشرق كثيب رملي مرتفع
وممتد على طول مساحتها وخلف هذا الكثيب واحات نخيل ومورد قديم تحيط به الرمال من كل الجهات .
-------------------------------------------------أمراء من المذنب -------------------------------------------------
- الأمير هجرس الباهلي 1098- 1135هـ
- الأمير عبدالله بن إبراهيم الخريدلي 1135هـ
- الأمير إبراهيم بن عبدالله الخريدلي 1155-1193هـ
- الأمير عبدالله بن إبراهيم الخريدلي 1193- 1218هـ
- الأمير يحي بن إبراهيم الخريدلي 1218-1222هـ
-الأمير فهد بن ناصر الشامخ 1222- 1230هـ
- الأمير هندي بن إبراهيم الخريدلي 1230-1233هـ
-الأمير ناصر بن عبدالله العقيلي 1233- 1234هـ
-الأمير هندي بن إبراهيم الخريدلي 1234-1247هـ
-الأمير إبراهيم بن ناصر العقيلي 1247- 1256هـ
-الأمير سليمان بن ناصر العقيلي 1256- 1257هـ
--الأمير هندي بن إبراهيم الخريدلي 1257
-الأمير ناصر بن فهد الشامخ 1257- 1259هـ
-الأمير محمد بن عبدالله الخريدلي 1259-1277هـ
-الأمير عبدالعزيز بن عبدالله الخريدلي 1277-1279هـ
-الأمير سليمان بن محمد الخريدلي 1279- 1280هـ
-الأمير صالح بن محمد الخريدلي 1280 - 1308هـ
-الأمير فهد بن ناصر الشامخ 1308- 1309هـ
-الأمير فهد بن عبدالكريم العقيلي 1309-1321هـ
-الأمير نمر بن محمد الوهيد 1321- 1322هـ
-الأمير فهد بن عبدالكريم العقيلي 1322- 1340هـ
-الأمير عبدالله بن سليمان العقيلي 1340- 1341هـ
-الأمير فهد بن عبدالكريم العقيلي 1341- 1368هـ
-الأمير عبدالمحسن بن محمد العقيلي 1368- 1373هـ
-الأمير سليمان بن صالح الجارالله 1373- 1377هـ
- المذنب جغرافياً :
يتميز سطح المذنب بالتنوع الشديد حيث يحتوي على مظاهر جغرافية متعددة تمتد على شكل أشرطة طويلة متوالية من الشمال إلى الجنوب يزيد ارتفاعها في الشرق والغرب ويقل في المنطقة الوسطى التي تقع فيها المدينة ومعظم القرى التابعة لها .ويمكننا أن نقسم تضاريس المنطقة إلى الأقسام التالية :
أ- التكوينات الرملية الشرقية والغربية وتشمل :
نفود الشقيّقية :
تعتبر الحد الغربي للمنطقة ، ويبعد أقرب أجزائها عن مركز المدينة بـ 7كم . وتبدأ من جنوب مدينة عنيزة مباشرة ثم تنتهي جنوب غرب العمار بطول يقارب 75 كم ويزيد ارتفاعها عن الجهات الواقعة بجوارها من الغرب كقاع الخرما وعبلة وضاخ وتتميز في أطرافها الشمالية بأنها على شكل تلال رملية ضيقة متوازية ذات قمم حادة ، ويصل عرضها إلى 25 كم . وتقل وعورتها وعرضها كلما اتجهنا نحو الجنوب حتى تتحول في أطرافها الجنوبية إلى حزون متصلة توشحها الرمال ويسهل اختراقها من الشرق إلى الغرب ولا يتجاوز عرضها بضعة كيلومترات فيما بين قاع الخرما والعمار .
وقد عرفت بهذا الاسم منذ القدم وكان جزئها الجنوبي يطلق عليه اسم العقار حيث يقول جرير من قصيدة يرد فيها على الفرزدق :
ويوم بني جذيمة إذا لحقنـا ضحـى بين الشقيّقة والعقار
ويطلق على جزئها الشمالي الغربي اسم رامة وكان يمر بها طريق الحج القديم من البصرة إلى مكة المكرمة .
وتتخللها بعض المناطق المستوية المحدودة المساحة مثل خب النعام وروضة الشقيقة .
ب _ نفود صعافيق :
وتعتبر الحد الشرقي لمنطقة المذنب ولا يبعد أقرب أجزائها عن مركز المدينة بأكثر 4 كم ، وتمتد على شكل كثبان رملية متصلة يرتفع بعضها إلى ما يقارب 130 متراً عن سطح الأرض المجاور لها ، ويسمى أعلى أجزائها زبارة حيث تعتبر أهم الظواهر المميزة في النفود لكثرتها مثل زبارة عسافة والقراين والمانيعات ومنها رزقة ومنيفة التي ادعى أحد الأهالي في الماضي أنها من أسماء لمزارع نخيل يملكها عندما سأله أحد الدائنين عما يملكه قبل أن يعطيه ما يريد ، ويصل عرضها إلى ما بين المذنب وصفراء المستوي التي تحدها من الشرق 26 كم ولا يقل عن ذلك في معظم جهاتها حيث إنها تعتبر جزءاً من نفود السر التي تمتد جنوباً في أقليم العرض حتى تنتهي في شرق مدينة القويعية ، وتمتد شمالاً حتى النفود الكبير في شمال المملكة .
وتتميز نفود صعافيق بوعورتها وصعوبة اختراقها ، ولذا تقل فيها الطرق العرضية وتنحصر في مسالك محدودة مثل درب صليبيخ الذي يعتبر أسهل أجزائها للربط بين طرفيها الشرقي والغربي .
وقد عرفت بهذا الإسم منذ العصر الجاهلي وقد أشار إليها الهمداني في كتابه "صفة جزيرة العرب" أكثر من مرة باسم رمل الشعافيق . وذكر الشيخ محمد العبودي أنه قد حدث بها يوم من أيام العرب في الجاهلية ، حين أغار بنو بكرعلى بني سليط بن يربوع وأصابوا منهم أسرى فأتى طريف بن تميم العنبري فأطلقهم ورهن ابنه عند بني بكر فلما أبطأ عليهم قتلوا ابنه فقال :
لا تـأمنـن سليمى ان أرافقهـا صرمي الظعائن بعد اليوم صعفوق
وقد سار فيه جيش الملك عبد العزيز أثناء توجهه لفتح القصيم في الأيام الأولى من شهر محرم عام 1322 هـ حيث ضل الطريق وتاه الجيش طوال الليل قبل ان يصلوا إلى عنيزة ، وفي ذلك يقول الشاعر اللبناني بولس سلامة :
وسرى الجيش في النفود فتاهـوا بخضـــمّ عُبــــابه مـوّار
زاغ طرف الدليل بالـوعس والأ شباه والسبـب والفضـاء فحاروا
فحارواوتجلّى الصباح وانكشف التيه فأمّوا شــطـــــــر القصـيم وسـاروا
وتتعد أشكال التكوينات الرملية في نفود صعافيق وتشمل مايلي :
الزبادة : وتسمى البرعوص ويطلق على الرمال المتحركة بفعل الرياح في أعلى الكثيب الرملي .
الطعس : ويطلق على الكثيب الرملي المرتفع الذي ينحدر أحد جانبيه بالتدريج لمواجهتة للرياح بينما يكون الانحدار المقابل شديداً والفاصل بينهما يُسمّى الذالق .
العرقوب : ويشمل الكثيب الرملي المنخفض الذي يسهل اجتيازه .
الصيهد : وهي الأرض شبه المستوية التي توجد بها الرمال الخشنة المتموجة والتي يكون منظر الأعشاب الصحراوية فوقها في أيام الربيع رائع الجمال .
العثمور : ويطلق على الرمال التي تغطي الشجيرات الصحراوية.
النقرة : ويعني بها المنخفض الضيق المنحصر بين الكثبان الرملية وتكون في الغالب شبه دائرية مثل نقرة صيادة .
الخبـوب : وتشبه النقرة في تكوينها وتزيد عليها في الاتساع حيث تحتوي على مزارع محدودة المساحة مثل حسو التشيلات والمريوي والساروت وأم الخشب وغيرها .
الحافات الصخرية الغربية والشرقية :
يطلق عليها السكان لفظ الضلوع وهو تعبير صحيح من الناحية اللغوية ، وتحيط بالمذنب من الشرق والغرب . وتبدأ الحافة الغربية جنوب وادى الرمة ثم تمر شرق مدينة عنيزة مباشرة ممتدة نحو الجنوب حتى أقصى جنوب السر . وهي أكثر جهات المذنب ارتفاعاً حيث يقارب أقصى ارتفاعها 800 متر عن مستوى سطح البحر في عدة أجزاء منها كالخشم الأسود الذي يقع غربي الطوقي ، ومن المعروف أن مياه جميع البحار العالمية المفتوحة ذات مستوى واحد كالخليج العربي والبحر الأحمر وغيرها ، وعلى الرغم من أن ارتفاعها يزيد على ارتفاع نفود الشقيقة التي تجاورها من الغرب وعلى منطقة الصفراء التي تمتد إلى الشرق فإنها لا تبدوا ظاهرة للعيان كالحافة الشرقية بسبب انحدارها التدريجي نحو الشرق والغرب .
وحيث إنها أكثر أجزاء المنطقة ارتفاعاً فإنها تعتبر خط تقسيم للمياه حيث تبدأ منها جميع أودية المذنب متجهة نحو الشرق حتى تصدها الحافة الشرقية فتنحدر نحو الشمال حتى سبخة العوشزية التي يقل ارتفاعها عن 600 متر على مستوى سطح البحر .
أما الحافات الشرقية فأنها أقل امتداداً وارتفاعاً إلا أنها أكثر أهمية ووضوحاً لقربها من المدينة وشدة انحدارها نحو الغرب بينما يكون انحدارها الشرقي نحو نفود صعافيق تدريجياً يميل فيه السطح إلا الاستواء .
ويصل طولها إلى 65 كم تقريباً حيث تبدأ جنوب شرق المذنب ثم تمتد بمحاذاة روضة المربع والمصية من الشرق بمعدل ارتفاع 640 متراً عن مستوى سطح البحر يزيد في قمة خشم خرطم إلى 655 متراً ، ويشرف خشم خرطم على المدينة القديمة مباشرة من الشرق ويصل ارتفاعه النسبي عما حوله إلى 45 متراً ، ويجاوره من الشمال خشم الكيس الذي يقاربه في الارتفاع ، حيث يشرف على روضة السفالة ، ويصور هذا الوضع الطبيعي أبيات من قصيدة شعبية لأحد أهالي المذنب من عقيل المشهوريـــن بكثرة اسفارهم إلى العراق والشام ، وقد ذكرت فيها المذنب باسم فيحان يقول :
مالـوم حالي لـو طوتهـا الملايـل
ولـو لـذيذ النو جنـب وخـــلان
من يوم خليـت البلد رحت شايــل
هـم ولـو يـاطالصـم الصفـا لان
يـم الشمال موجهـين الأصايــل
نبي العراق وسوريـا هـن وعمـان
شلنا عليهـن ما حصل والعوايــل
مـن ديـرة مشهورة بـاسم فيحـان
رديفها جــال إقبـال السفايــل
يشرف على الديرة من الشرق نيـشان
يا ما بهـا من ناعمـات الفسايـل
تسقـى علـى هجن مرابيع وسمـان
حامـين جاله بـاذلين الجمايــل
في ساعة ترخـص بها روح الإنسان
حامينهـا فـي مبهمات الفتايـل
بيوم عسـامٍ غاطـي الجـو دخـان
ويستمر امتداد هذه السلسلة نحو الشمال باسم جال خرطم شرق السفالة والروضة وابو خشبة والعوشزية والزغيبية وتنتهي جنوب شرق بريدة بالقرب من نهاية وادي الرمة . وتقترب منها صعافيق حتى تكاد تتصل بها في بعض الجهات وتتسع المسافة بينهما ـ أحياناً ـ مما يساعد على وجود رياض مستوية قليلة العرض كالسعدية والرويضة والأبطية والعكرشية واللواف والجماعيات والحورية وغيرها . ونظراً لقرب هذه السلسلة من المدينة وما لها من أهمية بالنسبة لسكانها فسنورد بعض ما تتميز به من سمات طبيعية نختصرها فيما يلي :
1ـ تتكون من صخور تختلف في مدى صلابتها وسمك طبقاتها وألوانها ومعظمها من الحجر الرملي الكثيف والجير والغضار .
2ـ تكثر الكهوف في الجانب الغربي الشديد بسبب اختلاف مدى مقاومة صخورها لعوامل التعرية كالرياح والمياه الجارية وتفاوت درجات الحرارة حيث إن الطبقات الصلبة تبقى معلقة بينما تزول الطبقات الهشة الواقعة تحتها مما يؤدي إلى تكوين كهف أو غار كما يسميه السكان .
وقد اكتشف أحد الأهالى في القرن الماضي بإحدى المغارات كنزاً أخذ منه بعض الحلي اثناء مطاردته ضبعاً لجا إلى الغار كما أشرنا إلى ذلك في موضوع الآثار، كما أن بعض جهاتها اشتهرت بلجوء الحيوانات المفترسة كالذئاب والضباع إليها كالمضباعة والصلاّلية وغيرهما قبل أن تتناقص أعدادها في الوقت الراهن .
3ـ توجد منابع مائية صغيرة تتسرب منها المياه بصورة محدودة عبر مسامات الصخور في الجانب الغربي ـ أيضاً ـ وأهمها القويطير جنوب شرق روضة المصية حيث تنمو أعداد قليلة من أشجار النخيل والأثل والطرفا .
3- صفراء المذنب :
وتشمل المنطقة الواسعة التي تقع بين الحافتين الشرقية والغربية حيث توجد المدينة ومعظم القرى التابعة لها ، ويختلف عرضها من مكان لآخر وإن كان يزيد في الغالب على عشرة كيلو مترات ، وامتدادها الشمالي خارج نطاق المنطقة باسم صفراء عنيزة وامتدادها الجنوبي باسم صفراء السرّ .
وتتكون في الغالب من صخور جيرية تربتها دقيقة صفراء يصعب استغلالها زراعياً خاصة في الجهات الغربية .
وقد كان لاختلاف مدى صلابة صخورها وتأثرها بعوامل التعرية في ظهور بعض التلال المتفاوته الأحجام القليلة الارتفاع التي يطلق عليها السكان اسم القور جمع قارة وتجد في شمال المدينة وغربها .
وقد أورد الشيخ عبد الله بن خميس قصة شاعر من أهل المذنب هاجر إلي الخليج العربي لطلب الرزق فلم يوفق فقال قصيدة يحنّ فيها للعودة إلى وطنه تتضمن وصفاً لطبيعة المنطقة وسكانها منها :
ياديرتي بين الخشوم المهاديـف مريقب العيْفـَار والعين والقـور
دار لنا هي عزنـا غايـة الكيف يا ما بها مـن خير وافـي شبور
رجال تعز الجار وتكرم الضيف على الشكالـة لاهفا كـل مثبـور
وتوجد بين هذه التلال بعض السهول المحدودة الاتساع التي يغطيها الطين والحصى ويطلق عليها اسم القاع مثل قاع سالم وقاع النسوان وغيرهما .
أما في طرف الصفراء الشرقي الذي تطل عليه الحافة الشرقية فتوجد بعض السهول الخصبة التي تجتمع فيها مياه الأودية التي سنشير إليها في الموضوع التالي:
4- الأودية :
تغطي صفراء المذنب بشبكة من الأودية تتخذ اتجاهاً عاماً موحداً حيـــث تنحدر من الحافات الغربية وتعبر الطريق المعبد المتجه إلى الرياض وتصب إلى الشرق منه في رياض متعاقبة من الجنوب إلى الشمال ، ثم تنتهى في سبخة العوشزية شمال شرق المنطقة والتي تنخفض بمعدل 200 متر عن منابع الأودية في الغرب.
ويصور هذا الوضع قصيدة للشاعر ناصر البخيت قالها في منتصف القرن الماضي ذكر فيها الأودية المنطقة وحدودها حيث يقول:
سقوى سقى فيحـان من غر الأمزان مـن قـارة الضًبّة إلى السلْهميّة
نـو حقـوق له مـع الصبح دنـدان بهاش يـرجع لديــار السنيـة
ينشي من الخرما إلى أدنـى خريمان برقة كما وصف المشاعل ضوية
يجـي نسـر محـدر وقـت الإذان ووادي المربع جعله يملا المصية
تلقى الغثا فـوق الشجـر تقل خلقان وكـل وادين يمشي إلى العوشزية
يسقي ديـار الـربع ذربيـن الإيمان ريف الضعيف اللي أموره رديـة
إن جيتهـم عانـي ولا تقـل دّيـان وإلا مخـاشرهم بـزرع الركيـة
ونوجز فيما يلي ذكر أهم الأودية حسب ترتيب موضعها من الجنوب إلى الشمال:
1ـ شعيب العمار :
ويبدأ من أقصى جنوب غرب المنطقة متجهاً نحو الشمال الشرقي ليمر بهجرة العمار ، ويخترق الطريق الرئيسي شمال الخط المتفرع منه نحو الغرب لينتهي في روضة القعير .
2ـ شعيب أبوعاذر :
ويبدأ من أكثر جهات المذنب ارتفاعاً ليعبر الخط المعبد.
3ـ شعيب معيرضة :
ويجاور الوادي السابق من الشمال ويصل إلى خشم معيرض شرق طريق الرياض.
4ـ شعيب الدالوبي :
من أهم أودية المنطقة وأكثرها فروعاً حيث تجتمع روافد العليا باسم شعيب المربع الجنوبي والأوسط والجنوبي ويعبر الخط المعبد تحت جسر كبير أقيم لهذا الغرض لينحرف اتجاهه نحو الشمال الشرقي ، ويروي نخيل المربع وينتهي في جنوب روضة المربع .
5ـ شعيب المعذر :
ويبدأ بفرعين باسم شعيب المعذر الشمالي والجنوبي يجتمعان شمال المربع وينتهي وسط روضة المربع .
6ـ شعيب روضة الزرع :
يمر بروضة تدعى بهذا الاسم ويعبر الخط الرئيسي قرب المفيض وينتهي في طرف روضة المربع الشمالي .
وتخرج مياه الأودية الثلاثة الأخيرة من روضة المربع نحو الشمال بمحاذاة الامتداد الجنوبي للحافات الشرقية حيث تنتهي في روضة المُصيّة المشهورة بخصوبتها واتساعها ، وتعتبر سداً طبيعياً يرفع من مستوى المياه السطحية من منطقة المذنب حيث إنها تحجز مياه السيول المندفعة إليها من الجنوب لفترة طويلة قد تزيد على العام أحياناً ، ويطلق على طرفها الشمالي اسم المسَّد لأنه يمنع المياه من الاستمرار نحو الشمال .
7ـ شعيب تبينان :
واد صغير ينتهي في جنوب غرب روضة المصية .
8ـ شعيب نسر :
أشهر أودية المنطقة وأكثرها أهمية ويتكون من روافد عديدة منها شعيب القصيمي شمال السحق ويمر بالدعثة .
وتجتمع مياهه ليمر جنوب القفيفة ويعبر الطريق المعبد جنوب المدينة بحوالى 1 كم لينحرف اتجاهه نحو الشمال غرب مزارع العدان ويكتنف مزارع المدينة من الجهة الجنوبية الشرقية ويلتف حولها بعد أن يرويها عبر شعاب فرعية صغيرة ثم يمر بجوار الحافة الشرقية قرب خشم خرطم لينتهي في روضة السفالة
9ـ شعيب الؤدي :
ويبدأ من الجهات الواقعة غرب المدينة مباشرة ليمر بالهيشة والعين شمال حي الصفراء الجديد ثم يسير بمحاذاة المدينة القديمة من الشمال الغربي حيث أقيمت على ضفته الجنوبية حواجز صخرية لحماية المدينة من خطر السيول ثم ينحرف اتجاهه نحو الشمال باسم البطحاء لينتهي في روضة السفالة وتشكل سيول الأودية الثلاثة الأخيرة خطراً داهماً على بعض الأحياء أحياناً وخاصة شعيب نسر والمظيفير كما حدث في شهر ذي الحجة عام 1382هـ التي تسمى سنة الغرقة حيث تهدمت عشرات المنازل شرق المذنب .
وقد قامت البلدية بإزالة بعض أشجار الأثل التي تعترض مجرى وادي نسر شرق أم الحمام ليسهل انحدار مياهه نحو الشمال .
11ـ شعيب ابو جصّة :
ويمر بقاع سالم ويخترق الطريق الرئيسي شمال المدينة بحوالي 4 كم لينتهي جنوبي الروضة .
12ـ شعيب لوذان :
ويمتد شمال الوادي السابق بحوالي 4 كم منحدراً نحو الشرق جنوب الطريق الفرعي المتجه إلى الثامرية ويقول شاعر شعبي :
يابنت شوقك نازل يم لوذان متخفي والضيف ما يدهلونه
13ـ شعيب السّهل :
يعتبر أكبر الأودية الواقعة شمال المنطقة .
14ـ شعيب أبو غار " الأميّة " :
ويوازي الوادي السابق من الشمال .
وتنتهي الأودية الثلاثة الأخيرة في أبو خشبة حيث تتصل بها سيول الأودية الواقعة شمال روضه المُصيّة لتنتهي جميعاً في سبخة العوشزية شمال أبو خشبة التي تعتبر أكثر جهات المنطقة انخفاضاً كما سبق أن ذكرنا ، وقد تجمعت فيها الأملاح مع مرور الزمن ، كما توجد سبخات أخرى أقل اتساعاً في المناطق المنخفضة عديمة التصريف مثل سبخة السّعْدية ومشتّت وغيرها .
ومساحتها ليست ثابتة إذ تنكمش مساحتها صيفاً بسبب عامل البخر وقلة المطر ويزيد اتساعها في فصل الشتاء .
15ـ شعيب الضبّة :
ويعبر الطريق المعبد في طرف المنطقة الشمالي وينتهي في قصر فضل .
16ـ شعيب أبو طليحة :
ويوازي الوادي السابق من الشمال وينتهي كسابقه في سبخة العوشزية ايضاً .
وبعد الانتهاء من إيراد ذكر أودية المنطقة أجدني ملزماً بالحديث عن واد عظيم يعتبر من أكبر أودية منطقة نجد هو وادي الرشاء ، وكان يسمى وادي التسرير في الماضي ، حيث يقول الشاعر:
إذا يقولون ما يشفيك قلت لهم دخـان رمث من التسرير يشفيني
مما يضم إلى عمران حاطبه مـن الجنينة جزلاً غير مـوزون
وينتهي في قاع الخرما الذي يعرف في كتب التراث باسم قاع القمرا ، وقد قامت فيه منذ عام 1398هـ حركة استيطان بشرية ومزارع حديثة تابعة لمنطقة المذنب.
وقال عوف بن عطية الربابي :
نقودالجيـاد بأرسانـهـا يضعن ببطن الرشـا المهارا
ويبدأ هذا الوادي من جبال النير جنوب خط الحجاز متمثلاً في وادي بحار وطينان ويتصل بهما وادي الشعراء قرب جبل ثهلان ن ثم يسير باسم وادي الرشا متجهاً نحو الشمال الشرقي حيث يتصل به وادي الجفني وخنوقة وجهام وما يتبعها من روافد عديدة ، ثم يتصل به أودية مصدّة وعرجا والنشاش حيث يمر بشرق جبلة المعروف الذي حدثت في أحد شعابه يوم من أيام العرب في الجاهلية بين بني عامر وخصومهم حيث يقول الشاعر :
لم أر يومـاًُ مثل يوم جبلة لمـا أتتنا أسـد وحنظلة
وقد شهدت بنو عامر يوم جبلة إلا هلال بن عامر ، وعامر بن ربيعة ثم يتصل به وادي الهييشة ونفّي وجمران ويتسع الوادي حيث تصب فيه مياه وادي وضاخ والأثلة ، وينتهي أخيراً في قاع الخرما الذي يتميز بخصوبة أرضه وحجزه لمياه الوادي لانخفاضه وإحاطة نفود الشقيقة به من الشرق والشمال.
- المذنب سياحياً :
تشتهر محافظة المِـذْنـَب بالحدائق الغناء ، والمنتزهات البرية حيث جمال الطبيعـــة وتضم المذنب بين جنباتها العديد من المعالم الأثرية والتي تتوزع في أماكن مختلفة من المحافظة ...
أولاً / الحدائق والمنتزهات :
- منتزه المذنب العام : ويقع شمال المحافظة وتغطية المسطحات الخضراء ويوجد به العديد من الجلسات العائلية المغطاة بمظلات ، أيضاً يوجد به مجموعة كبيرة من ألعاب الأطفال ، وميدان للدراجات النارية ، أيضاً تتوفر فيه دورات مياه للرجال والنساء.
- منتزه البحيرة : ويقع شمال المذنب شرق طريق الملك عبدالعزيز وهو خاص (للعزاب) ، وهو على شكل مدرج جبلي تغطيه المسطحات الخضراء بالكامل ، ويقع في أعلاه نافورة ينزل منها الماء على شكل جداول مائية إلى حيث البحيرة في الأسفل ويقع في وسط البحيرة نافورة يصل ارتفاعها إلى 65.6168 قدم ، ويضم المتنزه جلسات مزروعة تحتوي على أماكن (للشوي) ..ويعتبر منتزه البحيرة الأجمل على مستوى منطقة القصيم.
- منتزه خرطم : وينقسم إلى قسمين : منتزه خرطم الجنوبي ومنتزه خرطم الشمالي ..ويطل على محافظة المذنب من الشرق حيث يتربع على أعلى جبل خرطم ..ويحتوي على مجموعة من الجلسات العائلية بأحجام مختلفة وتقصده مئات العوائل..حيث الإبداع في تسخير الحجارة لبناء تلك الجلسات ، كذلك يوجد به مصلى ودورات مياه ومغاسل صممت بطريقة إبداعية من الحجارة. وقد تم شق الطرق إليه وتعبيدها وتزفيتها..
-حدييقة الصفراء : حيث تكتسي بالمسطحات الخضراء والأشجار الوارفة الظلال وتحتوي على مجموعة كبيرة من ألعاب الأطفال وتقع شمال شرق حي الصفراء.
- حديقة الزيتون : وتقع على طريق الملك فهد.
- المسطحات الخضراء : وتقع على امتداد طريق الملك عبدالعزيز ، وتحتوي على مظلات مختلفة بأشكال جمالية ، ويرتادها الكثير من الشباب خاصة في العطلة الصيفية ، وتتميز بقرب المطاعم والوجبات السريعة منها.
- الاستراحات الخاصة : وهي استراحات شخصية يتم عرضها للتأجير لدى المكاتب العقارية وهي منتشرة بشكــل واســـع علـــى نطاق المحافظة وتحتوي عادة على جلسات وملاحق وألعاب للأطفال ومسطحـات خضراء بالإضافة إلى مسابح مفلترة، وتقصدها العوائل في عطلة نهاية الأسبوع وفـي العطل الرسمية.
ثالثاً/ المنتزهات البرية :
تقع محافظة المذنب على جانب من الرمال الذهبية حيث تقع نفود الشقيقة غرباً ونفود صعافيق شرقاً و تقدم مجموعة كبيرة من العوائل سواء من محافظة المذنب أو المحافظات المجاورة للتنزه في المتنزهات البرية في موسم الأمطار حيث الواحات الجميلة ونسمات الهواء العليلة .
وتعتبر هواية التطعيس من الهوايات المحبّبة لدى بعض الشباب وتنظيماً لهذه الهواية فقد قامت الهيئة العليا للسياحة يتنظيم (رالي سباق سيارات الصحراء ) وذلك في<مانعية> المذنب والتي تقع على طريق أم حزم ، ويقصده ما يقرب من 40 ألف مشاهد من مختلف مناطق المملكة والخليج.. ويكون في موسم الشتاء.
رابعاً / المعالم الإثرية :
- قصر باهلة :
قامت فوق أنقاض قصر باهله بيوت طينية تهدمت في الوقت الراهن . ويوجد الطبقات الطينبة السميكة تحت مستوى هذة البيوت بعمق يقارب (6م) وهي تحتوي علي مخلفات سكانية كالرماد وعظام الحيوانات مما يعطي إثباتاً بوجود عمران قديم ولكن لا يُجزم بأن قصر باهلة هنا . وتتضح تلك المخلفات في الجهة الغربية حيث تم نقل المخلفات الطينية لاستغلالها كتربة خصبة مما أدى إلى بروز هذه المخلفات القديمة ، وقد وجد الأهالي آنية فخارية بها نقود فضية.
- قصر السحق :
يقع جنوب المذنب على بعد 9 كم تقريبا ـ وهو مبني من الطين والأحجار الجيرية.
- خشم الكيس :
يقع خشم الكيس في الحافة الصخرية الشرقية للمذنب ، وقد اشتهر هذا الموقع الذي يعتقد أنه أثري بقصة أهالي المنطقة ، فقد كان مناور النصيف يطارد ضبعاً داخل في مغارة مظلمة قرب خشم الكيس فدخل خلفه ليكتشف وجود كهف واسع له مدخل ضيق به بعض من الأواني الفخارية وبعض الحلي والسلاح فقام بردم مدخل الغار بعد أن أخذ منه عقداً من الخرز عرضه على إحدى النساء لبيعه ، ولكن فوجئ بالاستنكار لاختلافه على أشكال الحلي السائدة فأخفى الأمر وسافر إلى منطقة أخرى لمدة تقارب عشرين عاماً ، ثم رجع الى المذنب وحاول العودة الى مكان الكنز فلم يوفق في ذلك بعد زوال العلامات الدالة عليه ، فاستأجر أشخاصاً معروفين للحفر في الموضع الذي اعتقد أنه يؤدي مباشرة إلى مكان الكنز فلم يستطع الوصول إليه فعاش بقية حياته بالمذنب في حالة مادية سيئة حتى وفاته في منتصف القرن الماضي الهجري .
بعد ذلك قام احد الأهالي بتعميق الكهوف الصغيرة للبحث عن الكنز ، ثم قامت مجموعة من الأهالي بالبحث عن الكنز باستخدام الآليات الحديثة حتى تم منعهم من قبل الأمارة ، ولاتزال آثار الحفريات موجودة. وقد أوردت هذه القصة التي قد لا تكون صحيحة أصلاً للتنبيه عن الآثار التي يتم تخريــبها على قدم وساق في مملكتنا الغالية .
- بلدة المذنب القديمة :
تعتبر بلدة المذنب القديمة من أفضل النماذج للقرى القديمة في أرض القصيم ومن الملفت للنظر جمال وطريقة تصميم سوق المجلس فيها ، وقد تم ترميــــــم سوق المجلس بالكامل ..واستحدث فيه سوقاً للبيع والشـــــراء في ساحته وعلى أطلال المحـــــلات القديمة..وقدر د. مساعد الجخيدب - عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام أن تركيب القريـــة القديمة يزيد عمرها على مائة عام وتعتبر هذه القرية صغيرة في مساحتها ، وتركيب القرية الإسلامية يعتمد على وجود المسجد في الوسط يليه السوق يلي ذلك وجود المباني التي يقطنها سكان القرية وفي وسط القرية ساحة تعرض فيها بعض المواشي والخضروات والأشياء التي تجلب إلى المدينة ، ويلاحظ أيضاً فتحات في أعلى المباني على شكل مثلث صغير تقوم بعدة وظائف منها :
1- المراقبة 2- التهوية 3- الإنارة الداخلية
أما أسباب صغر هذه الفتحات فهي كثيرة منها :
-انخفاض مستوى الدخل لإيجاد نوافذ.
-قلة توفر المواد الخام للنوافذ الخاصة بالنوافذ.
-الأخشاب المتحجرة :
يبدو أن أكبر غابة من الأخشاب المتحجرة في منطقة القصيم هي التي تم اكتشافها مؤخراً جنوب المذنب بنحو 27 كم في منطقة تسمى قليب اليحيي ، وقـــــــــد تـــم اكتشاف هذه الغابة عن جذوع وأغصان ، تظهـــر بـــأحجـــام مختلفـــــة منها الضخم والمتوسط والصغير ، ويبلغ قطر الضخم منها نحو 80 سم وطول 8.5 م تقريباً ، ويظهر أنها أضخم من ذلك فقد عملت حراثة الأرض على تقطيعها إلى عدة أجزاء.
- أم دَبَّاب :
الموقع :
تقع أطلال هجرة أم دَبَّاب شمال غرب أم طليحة على بعد 10 كم ، وشمال شرق الثامرية وتبعد عنها 12.5 كم وتقع الثامرية شمال المذنب ( بميل نحو الشرق ) على بُعد 10 كم ، وتقع أم طُلَيْحة شرق المِذْنب ( بميل نحو الشمال ) على بعد 24 كم ، وإحداثيات الموقع كالأتي :
98 59َ 25ْ
51 22َ 44ْ
لمحة تاريخية :
يقول محمد بن ناصر العبودي : يمكن القول بأنها قديمة ، لأن ياقوتاً رحمه الله – أورد (دَبَّاب) وقال في شعر الراعي : موضع عن نصر :
كَـأَنَّ هِنْداَ ثَناياها وبَهجَتُها لَمَّا الِتَقَينا علَى أَدْحَالِ دَبَّاب
والحقيقة أن الحكم على ما كان يقصده الراعي النميري أمر ليس بالسهل سيما وأنه تبين بعد مسح المنطقة أن المنشآت السكنية والزراعية في المنطقة ليست قديمة الاستيطان ، ومن المحتمل أن زمنها لا يتعدى نصف قرن من الزمان .
وسميت هجرة أم دَبًّاب بهذا الإسم نسبة إلى ( الدبوب ) ، وهي تجاويف أرضية مفتوحة من الأعلى وتتسع نحو القاع ، وكان يوجد بها مياه في السابق ، وقد أفادنا أمير الحمادين ( من قبيلة مطير ) رحمه الله ، هو الذي أنشأ هذه الهجرة ، وذلك قبل سنة السبلة بثلاث سنوات – أي منذ 78 سنة تقريباً ، وهجر هجرة أم دبَّاب قبل 42 سنة واستوطنوا الثامرية ، ويرجع ذلك إلى صعوبة الوصول إليها بسبب إحاطة الكثبان الرملية بالهجرة ، ولكثرة جماعة الحمادين من ناحية أخري ، وقال أحد كبار السن من أهل المنطقة سابقاً : أنهم لم يهجروا ذلك الموقع إلا منذ قرابة ثلاثة عقود من الزمن ، أما سبب تسميتها بأم دَبَّاب : فذلك لوجود أنفاق تحت سطح الأرض تربط بين الآبار ، أما الأسوار الطويلة فهي أسوار مزارع قديمة .
المشاهد الميدانية :
توجد في الموقع أطلال المنازل الطينية وجدران طينية متهدمة ، وهي تقع في منطقة شبه بيضاوية تبلع أطوالها 300م × 800م تقريباً وتحيط بها الرمال من جميع الجهات ومن الملفت للنظر بعض الأسوار الطويلة خاصة شمال الموقع ويبدو أنها أسوار مزارع ، وفي وسط الموقع يُشاهد سورين متوازيين يبلغ طول الواحد منهما 100م تقريباً ويظهر في الموقع عدة آبار متفرقة.
كذلك توجد منازل طينية يبدو من شكلها أنها لم تهجر إلا منذ نحو ربع قرن من الزمن ، وإلى الغرب من هذا الموقع ، وتحديداً غرب الكثيب الرملي مباشرة توجد مقبرة محاطة بسياج حديدي.وفي هذه النقرة وتحديداً جنوب غرب المقبرة قرب سيارة قديمة توجد بئر يبدو أنها كانت مورداً للماء لسكان المنطقة ، ويطلق الأهالي اسم بئر المروري ، ويبلغ عمقها 10م تقريباً ، وهي مطوية بالحجارة ، وقد ذكر الدليل أن حجارتها نقلت إلى هذا الموقع بواسطة الأبل ، وقرب هذه البئر تظهر زبارة المروى ـ التي يبلغ ارتفاعها 93م عن مستوى سطح المناطق المنخفضة المحيطة بها ، وينتظر من المعنيين أن يعملوا على حماية المقبرة والبئر سيما وأن شباب المنطقة اتخذوها متنزها لهم ، وذلك لتميزها بالإرتفاع وشدة الانحدار .
-الخرماء الشمالية:
تعد بلدة الخرماء الشمالية من أبرز المناطق الزراعية ، وتقع جنوب غرب محافظة المذنب ، وعنها تبعد 75 كم تقريباً ( طريق معبد ) ووفقاً للتقسيم الإداري الذي صدر مؤخراً صنف الخرماء الشمالية مركزاً فئة (ب) مرتبطاً بمحافظة المذنب ، ويبلغ تعداد سكانها حسب النتائج الأولية للتعداد لعام 1413هـ (883) نسمة .
الموقع :
يقع الموقع الأثري جنوب غرب الخرماء الشمالية على بعد 5.5كم تقريباً ومن يسلك الطريق الترابي الممتد من الخرماء الشمالية سيشاهد هذا الموقع عن يمينه مباشرة في ضلع يطلق عليه الأهالي اسم ( ضُلَيع الخَرْمَاء ) .
ويمكن تقسيم آثار ها على النحو التالي :
-النقوش والكتابات :
تقع في الجهة الجنوبية الغربية من الموقع الأثري ، أي عند نهاية الضلع لمن يسلك الطريق الترابي من الخرماء الشمالية ومتجهاً نحو الجنوب الغربي ، ويوجد في المنطقة عدة نقوش لحيوانات البعض منها متقن الرسم ، ويظهر منها نقوش آدمية ، وعول وإبل ، كما توجد كتابات البعض منها ثمودية ، والبعض الآخر عريبة إسلامية خالية من النقط ، منها نقش طلب المغفرة مكتوب بخط كوفي خالي من النقط على صخرة في ( ضُلَيع الخًرْماء ) وقد قرأت من النص ( اللهم اغفر ... ) أما الباقي من النص فيصعب قراءته ومن المحتمل أنه من رسم الخط في القرن الثاني أو الثالث الهجري.
الجدير بالذكر أن الشايع بين العديد من الآثار في الخرماء الشمالية بقوله : ألفيناها عبارة عن أطلال قديمة يوحي شكلها أنها لمساكن وما يشبه القلاع موغلة في القدم ، وهي على ربوة من الأرض وفي جهتها الغربية أكمة ليست عالية حوت صخورها كثيراً من النقوش والكتابات القديمة ترجع إلى عهود موغلة في القدم ومن بينها كتابات ثمودية .
وحتي نعيد الفضل لأصحابه أحب أن أنبه أن الشايع قد أشار في كتابه الثالث إلى أن قال : إنها كتابات ثمودية هو الدكتور عبد الرحمن الأنصارى ، وقد سلمه صوراً لهذه الكتابات وأعطى القوس باريها.
- الدوائر الحجرية :
تقع في أعلى الضلع ، ويبلغ عددها قرابة تسع دوائر حجرية ، متوسط أقطارها 5م تقريباً ، وهي ممتدة بشكل عام من الشمال الشرقي نحو الجنوب الغربي ، والبعض من هذه الدوائر مذيلة بصفين من الأحجار والمسافة بينهما 40 سم تقريباً ، وهي تأخذ شكلاًَ شبيهاً بالقناة المائية . ومن الملفت للنظر دائرة حجرية تقع شمال شرق النقوش والكتابات السابقة الذكر وتبعد 1.1 كم تقريباً ، وهي تأخذ شكلا بيضاوياً أقطارها (3م) و (2م) تقريباً ، وتوجد في وسطها شواهد لقبر إسلامي مما يوحي أن ذلك أحد الاحتمالين التاليين :
- كانت الدائرة مدفناً جاهيلياً ، وبظهور الإسلام تم تحويله إلى قبر إسلامي.
- كانت الدائرة موقعاً أثرياً موغلاً في القدم ، ثم صادف اختيار موقع قبر إسلامي داخل هذه الدائرة .
علماء المذنب
تبر النهضة العلمية التي أحدثها الشيخ عبد الله بن عضيب والتي شملت منطقة القصيم المرحلة الأولى من مراحل التعليم بمدينة المذنب حيث كان الشيخ عبد الله بن عضيب مقيماً فيها ، وقد قام بتأسيس قاعدة علمية ظل يوليها العناية حتى أصبحت قادرة على الاستمرار ، وهذه النهضة تتمثل في التعمق في العلوم الدينية على اختلافها من تفسير وحديث وفقه على مذهب الإمام احمد ومن العلوم العربية من نحو وصرف وبلاغة ونحوها .
بعد أن انتقل الشيخ عبد الله بن غضيب من المذنــب إلى عنيزة ســنـة 1110هـ تولى التعليم أخيه عيبان بن عضيب ومحمــد المزيدذ وهو أكبر طلبته وأكثرهم علماً ، وتعتبر تلك الفترة غامضة بالنسبة للباحـث وإن وجد بعض المعلومات عن تلك المرحلة فهي لا تعطي الصورة المطلوبــة التي يمكن لنا من خلالها تحديد معالم نهضتها العلمية وروادها بعد الشيخ عبد الله بن عضيب ( رغم أن دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب قد دفعت الحركة العلمية الدينية في منطقة القصيم إلى الأمام وخاصة في مجال دراسة العقيدة و(التوحيد) اضافة الى استمرار التعمق في الفقه الحنبلي ، وكانت القوة السياسية في الدولتين السعوديتين الأولى والثانية عضداً قوياً لسياسة تلك الدعوة من الناحية الثقافية ، وكذلك في حرصها على إحلال الرابطة الدينية محل الرابطة القومية ولـو بشكل تدريجي سواء فـي الحاضرة او البادية
ويمكن القول أن الحياة الثقافية في منطقة القصيم في عهد الدولة السعودية الثانية تمثلت في عدة مظاهر أهمها الكتاتيب ـ حلقات العلم على المشايخ ، الثقافة العامة ـ السفر لطلب العلم ) .
وهنالك بعض العلماء الذين حاولوا الحفاظ على النهضة العلمية في تعليم الآخرين عن طريق الكتاتيب وحلقات العلم حسب الإمكانيات المتوفرة لديهم ومن هؤلاء العلماء الشيخ محمد الحميضي وعبد الله الحميضي والشيخ عبد الله بن عبيد وهناك بعض الشخصيات العلمية التي كان لها دور في تعليم الطلبة بعض المواد الأساسية كالقرآن والتوحيد والقراءة والكتابة ومنهم : الشيخ عثمان الشبل ، والشيخ عبد الله بن محمد بن شبل ، والشيخ محمد بن عثمان بن شبل والشيخ سليمان بن حسن الناصري والشيخ على الغيلان ، والشيخ سليمان البحيري ، والشيخ عبد الله العقيلي ، ومحمد المنصور المزيد ، وراجح الدوسري وجميع هذه الاسماء معروفة وكان لها أثر في في نشر العلم بين الناس وكانت دروسهم محدودة على القرآن والقراءة والكتابة ولما قدم الشيخ عبد الله دخيل أضاف إلى هذه الدروس العلوم الشرعية والعربية فكان الطلبة يشدون إليه الرحال ويأتون إليه من بلدان مختلفة للتزود بالعلم والتفقه بالمذهب الحنبلي ، وقد تخرج عليه علماء أفاضل من بينهم علماء من المذنب قاموا بتعليم الطلبة ما تعلموه من شيخهم ومن أبرزهم الشيخ عبد المحسن الخريدلي ، والشيخ محمد الدخيل الشيخ محمد بن كريديس والشيخ غيلان العبد الله ، والشيخ علي المقبل ، والشيخ محمد المقبل ، ولهؤلاء المشايخ أثر في التحصيل العلمي ودور كبير في التدريس والوعظ والإرشاد ومن هنا ندرك أهميه الدور الريادي الذي قام به الشيخ عبد الله بن دخيل والتي تعتبر مرحلته التعليمية 1290 ـ 1323هـ من أهم المراحل وأكثرها فائدة فهي تحتوي على جميع المستويات العلمية ابتداء من الدروس الإلزامية التي من خلالها يتم تعليم النشئ مبادى دينهم وتصحيح بعض المفاهيم لدى العامة بشرح مبدأ العقيدة لهم وهناك مستويات أرفع من هذا المستوى يتعمق من خلالها الطلبة في مسائل فقهية وعلوم العقيدة إضافة إلى الدروس المكثفة بالتوحيد والفقه والحديث والتفسير .
كثيراً هم الطلبة الذين تخرجوا من هذه المرحلة وتبوءوا مراكز عالية في سلك القضاء والتعليم يصفون مقر هذه المرحلة بالمجمع العلمي هذا المجمع الذي ابتدأ نشاطه العلمي مع اشراقة أول يوم علم وعمل للشيخ عبد الله بن دخيل بمدينة المذنب ، وبالرغم من أن روحه الطاهرة قد غرب نورها إلا أن شمس علمه ومعرفته ظلت مشرقة بعقول وقلوب أفراد مجتمعه الذين نهلوا من علمه وظلوا يجنون ثمار معينه العذب بعد وفاته رحمه الله فبفضل الله ثم بفضل جهوده وتوجيهاته استمرت المراحل العلمية على أيدي طلابه الذين أصبحوا علماء فيما بعد ، وكان للشيخ محمد بن كريديس فضل كبير بعد الله في تشجيع طلبة العلم على الاستمرار ، وكان ذلك بعد تعيينه قاضياً بمدينة المذنب بعد وفاة شيخه بن دخيل سنة 1323هـ ، وكان الشيخ محمد بن عبد الله بن دخيل خير عون له في تلك المرحلة الجديدة وفد استطاع بن كريديس احتواء الحلقات العلمية ، وساعده في ذلك خبرته الطويلة في هذا المجال والتي اهلته ان يخلف شيخه بن دخيل بالقضاء والتدريس ، ابتدى بن كريديس التدريس بالجامع القديم ، والتفت حوله حلقات العلم وكان من بينها تلك الدفعة المباركة التي درست على الشيخ بن دخيل في تلك الفترة الاخيرة من حياته 1319 ـ 1323هـ .
كان الشيخ عبد الله بن دخيل قبل وفاته قد قام ببناء المدرسة الواقعة شمال الجامع القديم وقد خصصها لطلاب المرحلة الابتدائية وكلف بعض تلاميذه لتعليمهم وهم الشيخ محمد الدخيل ، والشيخ على المقبل ، والشيخ غيلان العبد الله ، وكانوا يدُرِّسون القرآن الكريم والتجويد إضافة إلى الكتابة والقراءة ، ولما قدم الشيخ محمد بن كريديس الى المذنب سنه 1323هـ حرص على استمرار التعليم في هذه المدرسة والتي كانت تخرج الطلبة ليلتحقوا بحلقات العلم بالجامع القديم .
وفي عام 1327هـ قدم إلى المذنب الأستاذ إبراهيم بن عبد الله القوبع الذي خلف ابن بليهد في رحلاته العلمية فتولى تعليم الطلبة بدلاً عنهم وقد أضاف إلى دروسهم مادة الحساب وكان يدرس الطلبة في الفترة الصباحية أما المسائية فقد تولى التدريس خلالها عدة أساتذة يعتبرون نواة المعلمين النظاميين الأولى وهم إبراهيم الناصر الحسين وحمود الأحمد ومحمد بن سند. وحمد العويد ومحمد العويد وهؤلاء الأساتذة يتفاوتون بتحصيلهم العلمي وأصبح كل واحد منهم يدرس المادة التي يجيدها وكان الشيخ غيلان العبد الله مشرفاً على هذه المرحلة التطبيقية ، وقد تولى تدريس الطلبة القرآن والتجويد ، أما بقية الأساتذة فقد تولوا تدريس بقية المواد الأخرى كالقراءة والكتابة والتوحيد والفقه .
وفي عام 1344هـ قام الشيخ محمد صالح المقبل ببناء مدرسة جنوب الجامع وهي عبارة عن غرفة كبيرة تتسع لحوالي 100 طالب فنصرف بعض الأساتذة لهذه المدرسة الجديدة طلباً للمزيد من العلوم الدينية وأصبحوا طلاب منتظمين بها وهم : محمد بن سند ، وحمد العويد ، ومحمد العويد .
وفي عام 1345هـ انتقل الأستاذ عبد الله القوبع إلى عنيزة مما اضطر الشيخ غيلان العبد الله إلى العودة للتدريس مكانه ، وكان الشيخ غيلان العبد الله قد انتظم في التدريس بالجامع مع بن كريديس عام 1336هـ ، وفي عام 1350هـ قام الشيخ محمد المقبل بإزالة المدرسة التي بناها جنوب الجامع بهدف توسيعة الجامع ، وكان الأساتذة محمد بن سند ، ومحمد العويد ، وحمد العويد ، قد أصبحوا مدرسين فيها بعد تخرجهم منها وكان يساعدهم بالتدريس الشيخ محمد العليوي فعادوا للتدريس بمدرسة ابن دخيل .
- الشيخ عبد الله بن عضيب(1070 ـ 1161هـ).
-الشيخ عبد الله بن محمد الحميضي .
-الشيخ سليمان آل بن حسن.
-الشيخ عبد الله بن دخيل.
-الشيخ محمد بن عبد الله بن دخيل.
الشيخ عبد الرحمن بن عبد الله الدخيل.
-الشيخ عبد المحسن الخريدلي.
-الشيخ محمد بن عيسى.
-الشيخ عثمان بن عبد الله بن دخيل.
-الشيخ غيلان العبد الله (1280ـ1365هـ).
- الشيخ علي المقبل(1292-1373هـ).
- الشيخ محمد المقبل (1306-1402هـ).
-الشيخ عبد الله العجيمي.
-الشيخ صالح بن فراج بن فايز العلوي الحربي.
(1270 ـ 1378هـ).
-الشيخ راشد البريه.
-الشيخ سليمان الحسياني (1315 ـ 1381هـ).
- الشيخ عبدالرحمن بن صالح المطلق(1340ـ 1406هـ)
- فضيلة الشيخ عبد الله بن جار الله آل جار الله.
(1354هـ - 1414هـ).
-------------------------------------------------علماء من المذنب--------------------------------------------------------
الشيخ عبد الله بن عضيب
1070 ـ 1161هـ
يعتبر الشيخ عبد الله أول عالم يحمل مؤهلات القضاء ويتصدى للتأليف ونسخ الكتب الدينية في منطقة القصيم وقد كون على أرض هذه المنطقة قاعدة علمية حضارية وكأنها تأذن ببدء حياة جديدة نظمت أحوالها على العلم أهم معالم الحضارة، وكان وجوده في المنطقة قد ساعد في الاستقرار الجماعي فقد بدا الناس يفدون إليه ويستقرون بين جوانحها أسر ذات جذور عريقة عرف أفرادها بتوارث العلوم والمعرفة ومن المؤكد أنه ضاعت لهم ثروات قيمة لاتزال في ثنايا الحلقة المفقودة من سجل تاريخ الحضارات النجدية .
يقول الشيخ عبد الله البسام ( ثم ان المذكور بعد أن نهل من العلم توجه الى المذنب إحدى بلدان القصيم ، واستوطنها لوجود أسر فيها من عشيرته النواصر وإمارة البلدة فيهم ، بل جل سكانها منهم وكان مقلاً من الدنيا لأنصرافه الى العلم في جميع اوقاته ، فحفر فيها بئراً ، وتولى حفرها بنفسه ، وصادف ان خرج ماؤها عذباً ، منهل أهل البلدة إلى مدة قريبة وتسمى القفيفة ، ولاتزال هذه البئر معروفة حتى الأن ، فلما اشتهر امره بهذه القرية
، وعلم به أهل عنيزة التي لا تبعد عن بلدته الا سبعة وثلاثون كيلاً ركبوا اليه وطلبوا منه أن يرحل معهم الى بلدهم لينفعهم بعلمه وتعليمه ، فذهب معهم واستوطن مدينة عنيزة ، وكانت قبله هي وسائر بلدان القصيم مقفرة من العلم ، واعلم من فيها من يحسن القراءة والكتابة ، فعقد المجالس للدرس العام والخاص وأخبرني شيخنا الشيخ عبد الرحمن بن سعدي أن مكان تدريسه غير دروس المسجد هو بيت عبد الله بن عبد الرحمن البسام المطل على مجلس عنيزة ، وذلك قبل أن يتملكه آل البسام ، لان مجيء آل البسام الى عنيزة بعد هذا التاريخ ).
وقال ابن حميد في السحب الوابلة : (وحث الناس على التعلم ورغْبهم فيه ، وأعان الطلبة بماله وكتبه وبما يقدر عليه من ورِق وورَق وصار يشير على كل منهم بكتابة كتاب في الفقه غالباً ويبتدئه له ويساعده عليه ، كما رأيت جملة من الكتب كذلك ، قال ابن حميد فأنتقل الى قرية متصلة بها تسمى الضبط ، فبنى فيها مسجداً وداراً ، واعانه عليها أهل القرية واشترى بها أرضاً يقول البسام وقد أخبرني أحد احفاده الثقة عبد الله بن ناصر بن عضيب بن ناصر ابن الشيخ المترجم عبد الله بن عضيب أن الأرض التي اتخذوها للزراعة هي البستان المسمى صقصق ، والذي اصبح الان بيوتاً تابعة لقرية الضبط وهي أرض زراعية لم تجعل بيوتاً الا قريباً ، وقال عنه ابن حميد وصار يعيش من زراعتها ، وصار مواظباً على التدريس من بكرة النهار إلى ضحوته ، وبعد الظهر الى قرب العصر وبعد العصر وبين العشائين يقرأ غالباً إما في تفسير البغوي أو ابن كثير أو حديثاً أو وعظاً ، وبعد العشاء في ليالي الشتاء يقرأ دروس الفرائض أو السيرة النبوية ن وكان ذا همة في العلم وقوة تزداد رغبته في العلم كلما طعن في السن ولا يضجر من كثرة الدرس والمباحثة والمذاكرة والمراجعة كثيراً لادمانه على النسخ فكتب بخطه المتوسط في الحسن الفائق في الضبط مالا يحصى من كتب التفسير والحديث وكتب الفقه الكبار وغيرها ، بحيث اني لم أر ولم أسمع منذ عصور من يضاهيه أو يقاربه) .
(وقد ذكر الشيخ عبد الله البسام أن له نظم وشعر وطلعت على ثلاثة منها مقطوعة في نظم الظاآت، الموجودة في القرآن ، وقصيده يعاتب فيها الشيخ عبد الوهاب بن سليمان على حدة صدرت منه ، يعاتبه فيها عند بحثه في حديث : ( ثلاثة فيها البركة : البيع إلى أجل ...) إلى أخر الحديث . وذلك أنه جرى بين المترجم وبين الشيخ عبد الوهاب والد الشيخ محمد نزاع في نص حديثه : ( ثلاثة فيهن البركة : البيع إلى أجل والمقارضة ، وخلط البر بالشعير للبيت لا للبيع ) فالشيخ ابن عضيب قال : انه للبيت لا للبيع ، والشيخ عبد الوهاب يقول إنه للبيع ولا للبيت ،واشتد النزاع بينهما ، فحكّمها الشيخ ابا المواهب ، فحسم الجواب بتصويب المترجم، فقال قصيدة يعتب فيها على الشيخ عبد الوهاب وفيها ركة وهي كما يلي : يقول ابن حميد (فما رأيته بخطه بعد تفرق كتبه وتششتها في البلدان القريبة والبعيدة : تفسير البغوي ـ الاتقان ـ القاموس ـ قواعد ابن رجب ـ الغاية ـ شرح الإقناع والأتقان ـ شرح منتهى الإرادات (عدة نسخ) ـ حاشية الإقناع ـ حاشية المنتهى ، وغير ذلك من الرسائل والمؤلفات الصغار ، هذا ما رأيته وهو قليل من كثير ، وأول ما رأيت بخطه بتاريخ 1093هـ ، كان شديد الحرص على الكتب ، كثير الشراء والنسخ لها و الإرسال في طلبها ، لا يصرفه عن ذلك صارف ، حتى المسافرون إلى الشام وبغداد وغيرهما من أهل البلد يقصدون شراء الكتب ويهدونها إليه ، فلا يكون عنده تحفة أعظم منها ، حتى جمع من الكتب الجليلة شيئاً عظيماً ): يقول ابن بسام وللشيخ عبد الله مقطوعة يوصي فيها تلميذين هما من أخص تلامذته ، وهما الشيخ حميدان بن تركي والشيخ محمد بن إبراهيم أبا الخيل :
اقيما على قبري إذا مــا دفنتمـا وسويتمـا بالماء تـراباً مسنمـا
وناديـا عـلى رأسي بتلقين حجتي ولا تنسيـا ذكـري إذا ما دعوتما
وعند فراق الـروح للجسم لقنـا شهادة أن لا ، لا تُلِحـَّا فأسأمـا
وبالكـفن المسنـون لا تـتركانه ولا تجعلا غسلي لأحدٍ سواكمـا
وفي الليلة الغـراء أقرى لـى فإنني أفاخــر جيراني بما قـد قرأتمـا)
كان قدوم الشيخ بن عضيب للمذنب سنة 1090هـ وقد نزل في القفيفة وحفر بها بئراً وبنى بها مسجداً أصبح يعلم فيه طلبة العلم العلوم الدينينة والعربية ، ولما ذاع صيته قدم إليه أعيان عنيزة وعرضوا عليه رغبتهم بأن يكون قاضياً ومعلماً لهم فوافق وانتقل معهم وكان ذلك سنة 1110هـ .
وقد تولى التعليم بعد اخيه عيبان بن عضيب وبعض طلبته الذين يحملون مؤهلات التعليم ومنهم محمد المزيد ومحمد آل بن حسن وأصبح الأهالي يعيشون حياة آمنة وهذه كانت أول ثمار القاعدة العلمية التي أسسها شيخهم بن عضيب والتي سهلت لهم فهم حقيقة الدعوة السلفية .
فقد كان لهذا العالم فضلاً كبيراً بحض الناس على التقوى وتحكيم شرع الله بمكافحة التوجهات الدينية الخاطئة بين البلدان الحافلة بمظاهر الجهل ، وقد نجح في نشر مبادئ العقيدة السليمة مبتدئاً بالوشم وسدير ويظهر تأثير دعوته جلياً في ظهور عدداً من الحركات العلمية مثل المذنب وعنيزة وقبلها عدداً من بلدان سدير والوشم كما تعكس لنا بعض القصائد الشعبية التي قيلت في تلك المرحلة ومنها قصائد الشاعر حميدان الشويعر يقول الدكتور عبد الله ناصر الفوزان عن الصفحة الدينية في قصائد الشاعر حميدان (أنها ترسم لنا صورة للحالة الدينية في نجد قبل دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب تختلف عن تلك الصورة التي ترسمها المراجع التاريخية والدينية التي كتبت عن تلك الحالة والمدهش أننا نجد فيها عكس ذلك تماماً نجد سلامة العقيدة والانصياع لأوامر الله والتسليم بقدرته والحض على التقوى وغير ذلك من الأمور التي تعكس الوعى الديني هاهو حميدان الشويعر يتكل على الله في كل أموره الدينية والدنيوية :
وانا في السما رزقي ووعدي ومطلبي ماهـوب في صبخة مراغة جوع
وها هو يحض على الزهد في الدنيا وعدم الانسياق وراء مباهج الحياة ..
الدنــيا روضــة نــوار صيور الـريح اتطير بهـا
إن جـاك مـن الدنيا طرفـه فشكـر مـولاك لموجبهـا
ويؤكد في بيتيه التاليين حقيقة البعث والحساب فحذر من هذا الموقف الذي سيقفه العبد بين يدي ربه يوم القيامة ..
وبالناس مـن يجمع حلاله يدفنه بجمالـه وتجـارة وكـداده
يفوز بـه غيـره وينقـل وزره يوم الحساب إلى هلك ما فاده
كثيراً من هذه الأمثلة التي توضح لنا مستوى الوعي الديني في تلك الفترة التي عاشها الشاعر ورغم كثرة الضغائن والخلافات بين أمراء المناطق الذين لم يجدوا من يمنعهم عن إراقة دماء بعضهم حتى قيض الله لهم الشيخ محمد بن عبد الوهاب وجعلهم صفاً واحداً بوجه من حارب دعوته ، فالمعارك الأهلية التي عانا منها الشيخ عبد الله بن عضيب لا يستطيع أحد إيقافها إلا بالقوة وليس بالدعوة القولية فقط، وكان الشيخ محمد بن عبد الوهاب في المرحلة الأولى من نشر دعوته يبعث الرسائل إلى العلماء في شتى البلاد العربية ، وهذه الرسائل تعتبر الدعوة التمهيدية والمبنية على الوعظ والإرشاد ، وكان الشيخ عبد الله بن عضيب عالم القصيم في زمانه على رأس العلماء الذين أرسل إليهم الشيخ محمد وقد طلب منهم إرشاد الناس وتوجيههم التوجيه الديني السليم ، وكان الشيخ عبد الله قد بدأ بهذا الأمر منذ زمن بعيد وكأنه يمهد لهذه الدعوة المباركة .
الشيخ عبد الله بن محمد الحميضي
قدم جده عبد الله الحميضي مع ابن عمه الشيخ عبد الله بن عضيب للمذنب وهو من طلبته الملازمين له في الفرعة وكان قبل ذلك يدرس على الشيخ عبد الله بن سحيم بالمجمعة ، وقد بذل نفسه لخدمة الشيخ عبد الله فأصبح تلميذه وصديقه وخادمه ، ولما قرر الشيخ الإنتقال إلى عنيزة لم يتردد في مرافقته وقد أكمل دراسته على يد الشيخ في عنيزة وزامل الشيخ العلامة عبد الله بن أحمد بن إسماعيل وتوفي قبل شيخه ، أنجب أبنه محمد الذي انتقل الى المذنب وكان قد حصل من العلوم الدينية ما يؤهله للتدريس ، لم أقف على تاريخ وفاته ولا أعلم عن أخبار حركته العلمية شيء لعدم ورود ذكرها في ما توفر لدي من المراجع أنجب محمد أبنه الشيخ عبد الله وقد نشا في بيت علم وشرف وكان قربه لجده من أمه الأمير عبد الله الخريدلي أثر في تحصيله العلمي فقد شجعه على الشروع في طلب المزيد من العلوم الدينية فسافر إلى العراق وقرأ على علمائها ومن أبرزهم الشيخ الفرضي المشهور العلامة المدقق المؤرخ محمد بن سلوم الوهبي التميمي، لم أجد له ترجمة بالكتب المطبوعة، أما هذه النبذة فقد وجدتها بين أوراق الأديب محمد العميري وكان حصولى عليها بعد وفاته فأصبح كاتبها مجهولاً لعدم معرفتي به، ولهذا الشيخ كتب ورثها الشيخ سليمان بن حسن وألت فيما بعد للشيخ عبد الله بن دخيل عن طريق الامير صالح الخريدلي الذي أوقفها على طلبة العلم ومن بينها تاريخ مختصر لبعض الحوادث في نجد وهو مخطوط ومن أشهر طلابه الأمير فهد الناصر الشامخ والأمير هندي الخريدلي، والشيخ سليمان بن الحسين، والشيخ علي الغيلان، وراجح بن سليمان الدوسري، والشيخ عثمان بن شبل، والشيخ محمد بن شبل، والشيخ عبد الله العقيلي، والشيخ سليمان البحيري. يقول الشيخ محمد العميري أن معظم طلبة الشيخ عبد الله بن محمد الحميضي تولوا مهام التعليم والوعظ والإرشاد إلى جانب الأمامة حتى قدوم الشيخ عبد الله بن دخيل رحمه الله .
الشيخ سليمان آل بن حسن
تلقى تعليمه على يد الشيخ عبد الله الحميضي وكان شجاعاً ورعاً أمضى حياته منشغلا في القاء الدروس في منزله وقد اكد لي كبار السن ومنهم الوالد محمد إبراهيم الطليحي رحمه الله أن الشيخ عبد الله بن دخيل قد درس على يد الشيخ سليمان بن حسن بالمذنب .
يقول الوالد محمد الطليحي رحمه الله أن الشيخ قد ذكر ذلك بنفسه عندما خرج معه متخاصمين على ملك كل يدعي أنه له فقال رحمه الله موضحاً الحدود الحقيقة الفاصلة في الحكم أن هذا الموضع كنا نضع فيه أمتعتنا عند شيخنا ابن حسن .
ومن زملائه الذين قاموا بمهام التدريس معه الشيخ علي الغيلان ، والشيخ سليمان البحيري ، ويعود له ولزملائه الفضل بعد الله باستمرار الحركة العلمية بالمذنب ولكونهما لا يحملان مؤهلات القضاء فقد كان الأهالي يختصمون عند قاضي القصيم الشيخ العلامة عبد الله البابطين وكان مقر إقامته في عنيزة وفترة إقامته من عام 1251 ـ 1270هـ .
الشيخ عبد الله بن دخيل
بقلم فضيلة الشيخ الدكتور/ سلمان بن صالح الدخيل
الحمد لله وحده ، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده . أما بعد :
فهذه ترجمة قصيرة مختصرة لجدي الشيخ عبد الله بن الدخيل علامة المذنب في زمنه ، مقتبسة من كتب من ترجم للعلماء، ومن أفواه كبار السن والفضلاء ، والحمد لله على التوفيق، وأسال الله العون والتسديد، أما بعد فأقول: هو الشيخ العالم الفاضل الزاهد الورع عبد الله بن محمد بن عثمان بن عبد الله بن حمد بن دخيل الناصري التميمي ، ولد رحمه الله تعالى سنـة 1260 هـ في مدينة المجمعة عاصمة بلدان سدير ، ونشأ فيها نشأة حسنة وقرأ القرآن وجودّه وحفظه على ظهر قلب ، وشرع في طلب العلم بهمة ونشاط ومثابرة ، فطلب رحمه الله تعالى العلم في بلده ، واخذ عن علماء بلده ، ومن مشايخه في بلده الشيخ علي بن عبد الله بن عيسى رحمه الله تعالى .
وأخذ العلم أيضاً عن الشيخ الفرضي عبد الله بن راشد بن جلعود ، ثم رحل إلى المدينة النبوية فقرأ على علماء الحديث فيها وأجيز بالسن